للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاتِ الرِّقاعِ صَلاةَ الخَوفِ: «أنَّ طائفَةً صَفَّت معه، وطائفَةٌ وِجاهَ العَدوِّ، فَصلَّى بالَّذينَ معه رَكعَةً، ثم ثبَتَ قائِمًا، وأتَمُّوا لِأَنفُسِهم، ثم انصَرَفُوا فصَفُّوا وِجاهَ العَدوِّ، وجاءَتِ الطَّائفَةُ الأُخرَى فصلَّى بِهم الرَّكعَةَ التي بَقيَت، ثم ثبَتَ جالسًا وأتَمُّوا لأَنفُسِهم، ثم سلَّمَ بِهم» (١).

الصَّلاةُ حالَ المُسايَفةِ والقِتالِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في جَوازِ القِتالِ في الصَّلاةِ، فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّه يَجوزُ القِتالُ في هذه الحالةِ الشَّديدةِ في الصَّلاةِ، ويُعفَى مما فيها مِنْ الحَركاتِ، مِنْ الضَّرباتِ والطَّعناتِ المُتوالِياتِ، والإمساكِ بسِلاحٍ مُتلطِّخٍ بالدَّمِ؛ لِلحاجةِ، ولا يَجوزُ تَأخيرُ الصَّلاةِ عن وقتِها؛ لِذلك قد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢]، وأخذُ السِّلاحِ لا يَكونُ إلا للقِتالِ، وقِياسًا على المَشيِ والرُّكوبِ اللَّذَينِ وردَا في الآيةِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولأنَّه مُكلَفٌ لم يَجزْ له إِخلاءُ وقتِ الصَّلاةِ عن فِعلِها، كالمَريضِ، ولأنَّه عمَلٌ أُبيحَ مِنْ أجلِ الخَوفِ، فلم تبطُلِ الصَّلاةُ به، كاستِدبارِ القِبلةِ، والرُّكوبِ، والإيماءِ ولأنَّه لا يَخلو عندَ الحاجةِ إلى العملِ الكَثيرِ مِنْ أحَدِ ثَلاثةِ أُمورٍ: إمَّا تَأخيرِ الصَّلاةِ عن وقتِها ولا خِلافَ بينَنا في تَحريمِه، وإمَّا تَركِ القِتالِ وفيه هَلاكُه، وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [النساء: ١٩٥]، وأَجمعَ المُسلِمونَ على أنَّه لا يَلزمُه هذا، وإمَّا


(١) رواه البخاري (٣٩٠٠)، ومسلم (٨٤٢)، وأبو داود (١٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>