للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولِه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]، فرخَّصَ مِنْ ذلكَ في أهلِ الكِتابِ، فمَن عَداهُم يَبقَى على ظاهرِ التَّحريمِ (١).

حُكمُ نِكاحِ المرتدَّةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنه لا يَحلُّ نِكاحُ المرتدَّةِ؛ لأنه لا فائدةَ فيهِ؛ لأنَّ المَقصودَ مِنْ شَرعِ النكاحِ مَصالحُه، ولا تُوجَدُ؛ لأنَّ المُرتدَّ يُقتَلُ، ولأنه لا ملَّةَ لهُما؛ لأنهُما خرَجَا عن الإسلامِ ولا يُقَرانِ على ما انتَقلَا إليه.

قالَ الحَنفيةُ: لا يَجوزُ نكاحُ المُرتدةِ مع أحَدٍ؛ لأنها مأمورةٌ بالتأمُّلِ لتَعودَ إلى الإسلامِ، ومَمنوعةٌ مِنْ الاشتِغالِ بشيءٍ آخَرَ، ولأنها بالرِّدةِ صارَتْ مُحرَّمةً، والنكاحُ مُختَصٌّ بمَحلِّ الحِلِّ ابتداءً، فلِهذا لا يَجوزُ نكاحُها مع أحَدٍ (٢).

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : منها أنْ يكونَ للزَّوجينِ ملَّةٌ يُقَرانِ عليها، فإنْ لم يَكنْ بأنْ كانَ أحَدُهما مُرتدًّا لا يَجوزُ نكاحُه أصلًا لا بمُسلمٍ ولا بكافرٍ غيرِ مُرتدٍّ، والمُرتدُّ مِثلهُ؛ لأنه ترَكَ ملَّةَ الإسلامِ ولا يُقَرُّ على الردةِ، بل يُجبَرُ على الإسلامِ إمَّا بالقَتلِ إنْ كانَ رَجلًا بالإجماعِ، وإمَّا بالحَبسِ والضَّربِ إنْ كانَتِ امرأةً عندَنا إلى أنْ تَموتَ أو تُسلمَ، فكانَتِ الرِّدةُ في


(١) المصادِر السابِقَة.
(٢) «المبسوط» (٥/ ٤٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٣٩)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>