للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: أنَّ المُخاطَبَ بذلكَ الزَّوجانِ، أي: إنْ يُرِدِ الزَّوجانِ إصلاحًا وصَدقَا فيما أخبَرَا بهِ الحكَمَينِ يُوفِّقِ اللهُ بَينَهما.

وقيلَ: الخِطابُ للأولياءِ، يَقولُ: إنْ خِفتُم -أي عَلِمْتُم- خِلافًا بينَ الزَّوجينِ فابعَثُوا حكَمًا مِنْ أهلِه وحكَمًا مِنْ أهلِها (١).

قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ : الأَولى أنْ يكونَ خِطابًا للحاكمِ النَّاظِرِ بينَ الخَصمَينِ والمانعِ مِنْ التَّعدِّي والظُّلمِ؛ وذلكَ لأنَّه قدْ بيَّنَ أمْرَ الزَّوجِ وأمَرَهُ بوَعظِها وتَخويفِها باللهِ، ثمَّ بهِجرانِها في المَضجعِ إنْ لم تَنزجرْ، ثمَّ بضَربِها إنْ أقامَتْ على نُشوزِها، ثمَّ لم يَجعلْ بعدَ الضَّربِ للزَّوجِ إلَّا المُحاكَمةَ إلى مَنْ يُنصِفُ المَظلومَ منهُما مِنْ الظَّالمِ ويَتوجَّهُ حُكمُه عليهما (٢).

٢ - هل بَعثُ الحكَمينِ واجِبٌ أم مُستحَبٌ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يَجبُ بَعثُ الحَكمَينِ أم يُستَحبُّ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشَّافعيةُ في الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ -وهوَ نصُّ الشَّافعيِّ في «الأمِّ» - إلى أنَّ بعْثَ الحكمَينِ واجِبٌ على الحاكمِ أو القاضي؛ لأنَّ هذا مِنْ بابِ رَفعِ الظُّلماتِ، وهو مِنْ الفُروضِ العامَّةِ والمُتأكَّدةِ على القاضي.


(١) «تفسير القرطبي» (٥/ ١٧٥)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ١٥٠، ١٥١)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٢٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٧).
(٢) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ١٥٠، ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>