وهو العَينُ التي يَضَعُها الراهِنُ عندَ المُرتَهَنِ لِيَحتَبِسَها وَثيقةً بدَيْنِه، ويُشترَطُ في العَينِ المَرهونةِ -لِيَصحَّ ارتِهانُها- عِدَّةُ شُروطٍ، بَعضُها مُتَّفَقٌ عليه، وبَعضُها مُختَلَفٌ فيه.
الشَّرطُ الأوَّلُ: كَونُه مَعلومًا جِنسُه وقَدْرُه وصِفَتُه: لأنَّه عَقدٌ على مالٍ، فاشتُرِطَ العِلمُ به كالمَبيعِ، وهذا عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ، وسيأتي مُفصَّلًا.
الشَّرطُ الثاني: أنْ يَكونَ عَينًا: فلا يَصحُّ رَهنُ المَنفَعةِ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ، كأنْ يَرهَنَه سُكنى دارٍ؛ لأنَّ المَنفَعةَ تَتلَفُ بمُرورِ الزَّمَنِ، فلا يَحصُلُ بها تَوثُّقٌ ولا تَثبُتُ عليها يَدُ الحَبسِ، كما يَقولُ الشافِعيَّةُ، ولأنَّ مَقصودَ الرَّهنِ استِيفاءُ الدَّينِ مِنْ ثَمَنِه، والمَنافِعُ تَهلِكُ إلى حُلولِ الحَقِّ، وإنْ رهَنه أُجرةَ دارِه شَهرًا لَم يَصحَّ؛ لأنَّها مَجهولةٌ وغَيرُ مَملوكةٍ، كما يَقولُ الحَنابِلةُ.
وأمَّا المالِكيَّةُ ففي جَوازِ رَهنِ المَنفَعةِ قَولانِ، جاءَ في «الشَّرحِ الصَّغيرِ» لِلصاويِّ: واختُلِفَ إذا رهَن رَقبةَ المُدبِّرِ لِيُباعَ في حياةِ السَّيِّدِ في دَينٍ مُتأخِّرٍ هل يَبطُلُ الرَّهنُ مِنْ أصلِه أو يَنتَقِلُ لِخِدمَتِه؟ قَولانُ، الراجِحُ الأوَّلُ.
كظُهورِ حَبسِ دارٍ رُهِنتْ رَقَبتُها على أنَّها مِلكٌ لِراهِنِها، وثَبَت حَبسُها عليه، فهل يَنتَقِلُ الراهِنُ لِمَنفَعتِها؛ لأنَّ المَنفَعةَ كجُزءٍ منها؟ وظاهِرُ كَلامِهم أنَّه الراجِحُ أو يَبطُلُ الرَّهنُ ولا يَعودُ لِمَنفَعَتِها، وأمَّا إنْ ظَهَرتْ حَبسًا على