للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُروطُ استِحقاقِ الغَنيمةِ:

يَستحِقُّ الغَنيمةَ مَنْ اجتمَعَت فيه الشُّروطُ التاليةُ:

أولًا: أنْ يَكونَ المُستحِقُّ صَحيحًا، أي: مِنْ أهلِ القِتالِ، وإنْ كانَ يُسهَمُ للمَريضِ الذي شهِدَ ابتِداءَ القِتالِ صَحيحًا ثم مرِضَ واستمَرَّ يُقاتِلُ، ولم يَمنعْه مَرَضُه من القِتالِ؛ فإنْ لم يَشهَدْه فلا يُسهَمْ له، إلا أنْ يَكونَ ذا رأيٍ، كمُقعَدٍ أو أعرَجَ أو أشَلَّ أو أعمى له رأيٌ.

وكذلك مَنْ منَعَه الشَّرعُ من الجِهادِ لدَينٍ عليه، أو منَعَه أبواه منه فحضَرَ، فيُسهَمُ له لتَعيُّنِ الجِهادِ بحُضورِه، أي: لصَيرورةِ الجِهادِ فَرضَ عَينٍ بحُضورِه، فلا يَتوقَفَ على الإذنِ (١).

ثانيًا: أنْ يَدخُلَ دارَ الحَربِ على قَصدِ القِتالِ، سَواءٌ قاتَلَ أو لم يُقاتِلْ؛ لأنَّ الجِهادَ والقِتالَ إرهابٌ للعَدُوِّ، وهذا كما يَحصُلُ بمُباشَرةِ القَتلِ يَحصُلُ بثَباتِ القَدمِ في صَفِّ القِتالِ رَدًّا للمُقاتِلةِ خَشيةَ كَرِّ العَدوِّ عليهم.

وكذلك إذا حضَرَ بنِيةٍ أُخرى وقاتَلَ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ؛ لقَولِ عُمرَ : «إنَّما الغَنيمةُ لمَن شهِدَ الوَقعةَ» (٢). ولا مُخالِفَ له من الصَّحابةِ؛ لأنَّ في شُهودِ القِتالِ تَكثيرَ سَوادِ المُسلِمينَ؛ فعلِمَ أنَّه لو هرَبَ أَسيرٌ من كُفارٍ فحضَرَ بنِيَّةِ خَلاصِ نَفسِه دونَ القِتالِ لم يَستحِقَّ إلا إنْ قاتَلَ.


(١) «كشاف القناع» (٣/ ٨٢)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/ ٤١٢).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٩٦٨٩)، وسعيد بن منصور في «سننه» (٢٧٩١)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣٣٢٢٥، ٣٣٢٢٦) عن عمر، وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (٦/ ٢٢٤): إسنادُه صَحيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>