للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُضارَبةِ؛ لأنَّه شَرطٌ لا يُخِلُ بمَصلَحةِ العَقدِ، ولا مَفسَدةَ فيه، فَصَحَّ؛ كَتَأجيلِ الثَّمنِ في المَبيعِ، وشَرطِ الرَّهنِ، والضَّمينِ، والخيارِ فيه، لَكِنْ يُشترَطُ أنْ يَكونَ ما يَلزَمُ كلَّ واحِدٍ مِنْ العَملِ مَعلومًا؛ لِئلَّا يُفضيَ إلى التَّنازُعِ والتَّواكُلِ؛ فيَختَل العَملُ، وألَّا يَكونَ ما على ربِّ المالِ أكثَرَ العَملِ؛ لأنَّ العامِلَ يَستَحقُّ بعَملِهِ؛ فإذا لَم يَعمَلْ أكثَرَ العَملِ كانَ وُجودُ عَملِه كَعَدَمِه؛ فلا يَستَحقَّ شَيئًا (١).

الجِذاذُ والحَصادُ:

اختَلفَ العُلماءُ في الجِذاذِ والحَصادِ -وَهو قَطعُ الثِّمارِ وحِفظُها في الجَرينِ- هَلْ يَكونُ على المالِكِ؟ أم على العامِلِ؟ أم عليهما معًا؟ وهَل يَصحُّ اشتِرَاطُه أم لَا؟

فذهبَ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابِلةِ في المَذهبِ إلى أنَّ الجِذاذَ والقِطافَ على المالِكِ والعامِلِ على قَدْرِ حَقَّيْهِما؛ لأنَّه إنَّما يَكونُ بعدَ تَكامُلِ الثَّمرةِ، وانقِضاءِ المُساقاةِ، فكانَ عليهما.

ثم اختَلفوا فيما لَو شُرِطَ الجِذاذُ والقِطافُ على العامِلِ هَلْ يَصحُّ أو لا؟

فَقالَ الحَنفيَّةُ: لَو شُرِطَ الجِذاذُ والقِطافُ على العامِلِ فَسَدَ بلا خِلافٍ؛ لأنَّه لَيسَ مِنْ المُعامَلةِ في شَيءٍ، ولِانعِدامِ التَّعامُلِ به أيضًا، فكانَ مِنْ


(١) «المغني» (٥/ ٢٣١، ٢٣٢)، و «الكافي» (٢/ ٢٩٤)، و «المبدع» (٥/ ٥٢، ٥٣)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٤٧، ٤٤٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٣٤، ٦٣٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٦٠٧، ٦٠٨)، و «الروض المربع» (٢/ ٨٥)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٥٢٣، ٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>