للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجوزُ الجَمعُ بسَببِ المرَضِ؛ لأنَّ النَّبيَّ مرِضَ أَمراضًا كَثيرةً، ولم يُنقَلْ جَمعُه بالمرَضِ صَريحًا، ولأنَّ أَخبارَ المَواقيتِ ثابِتةٌ فلا تُتركُ أو تُخالَفُ بأمرٍ مُحتمَلٍ وغيرِ صَريحٍ.

وقالَ ابنُ رُشدٍ : والسَّببُ في اختِلافِهم هو اختِلافُهم في تَعدِّي عِلةِ الجَمعِ في السَّفرِ، أعني المَشقَّةَ، فمَن طرَدَ العِلةَ رَأى أنَّ هذا مِنْ بابِ الأَولى والأَحرى، وذلك أنَّ المَشقَّةَ على المَريضِ في إِفرادِ الصَّلواتِ أشَدُّ منها على المُسافرِ، ومَن لم يَعدَّ هذه العِلةَ وجعَلَها كما يَقولونَ: قاصِرةً، أي: خاصَّةً بذلك الحُكمِ، دونَ غيرِه، لم يَجزْ ذلك (١).

الجَمعُ للمَطرِ والثَّلجِ والبَردِ ونحوِها:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلَةُ إلى جَوازِ الجَمعِ بينَ المَغربِ والعِشاءِ بسَببِ المَطرِ المُبلِّلِ للثِّيابِ والثَّلجِ والبَردِ؛ لمَا رَوى أبو سَلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ قالَ: «مِنْ السُّنةِ إِذَا كانَ يَومٌ مَطِيرٌ أَنْ يُجمعَ بينَ المَغربِ وَالعِشاءِ» (٢). وهذا يَنصرِفُ إلى سُنةِ رَسولِ اللهِ .


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٤٦)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٩٢)، و «القوانين الفقهية» ص (٨٧)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣٢١، ٣٢٢)، و «المجموع» (٥/ ٥٠١)، و «حلية العلماء» (٢/ ٢٠٧)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٧٥)، و «المجموع» (٢/ ٥١٣)، و «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ٢٨)، و «الإنصاف» (٢/ ٣٣٥، ٣٣٦)، و «نيل الأوطار» (١/ ٣٤٥).
(٢) ذكرَه ابن عبد البَرِّ في «التَّمهيد» (١٢/ ٢١٢)، وعزاه لأبي عَوَانةَ وسكت عليه، وقال المبارَكفوريُّ في «تُحفة الأحوَذيِّ» (١/ ٤٧٩) سكت عنه ابنُ تَيميَّةَ، والشَّوكانِيُّ، ولم أقِف على سَنَده، فالله أعلَمُ بحالِه كيفَ هو صحيحٌ أو ضعيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>