للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الشَّركةِ، فلا يَجوزُ الإخلالُ به، لأنَّ جَهالةَ المَعقودِ عليه تَستوجِبُ فَسادَ العَقدِ، كما في البَيعِ والإجارةِ (١).

أمَّا المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ فلَم يَذكُروا هذا الشَّرطَ؛ لأنَّ الرِّبحَ عِندَهم يَكونُ على قَدْرِ المالَيْن، وليس على ما يَشترِطانِه كما تَقدَّم.

٨ - وأنْ يَكونَ الرِّبحُ جُزءًا مَشاعًا في الجُملةِ: اشتَرطَ الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ أنْ يَكونَ الرِّبحُ جُزءًا شائِعًا في الجُملةِ، لا مُعيَّنًا؛ فإنْ عَيَّنا عَشَرةً أو مِئةً أو نَحوَ ذلك لَم تَصحَّ الشَّركةُ؛ لِاحتِمالِ ألَّا يَربَحها أو ألا يَربحَ غَيرَها، أو شرَطا رِبحَ أحدِ الثَّوبَيْن أو إحدى السَّفرَتَيْن، أو رِبحَ تِجارةٍ في شَهرٍ أو عامٍ بعَينِه لَم تَصحَّ الشَّركةُ؛ لأنَّه قد يَربحُ في ذلك المُعيَّنِ دونَ غَيرِه، أو بالعَكسِ فيَختصَّ أحَدُهما بالرِّبحِ، وهو مُخالِفٌ لِمَوضوعِ الشَّركةِ، لأنَّ العَقدَ يَقتَضي تَحقَّقَ الشَّركةِ في الرِّبحِ، والتَّعيينُ يَقطَعُ الشَّركةَ؛ لِجَوازِ ألَّا يَحصُلَ مِنَ الرِّبحِ إلا القَدْرُ المُعيَّنُ لِأحَدِهما، فلا تَتحقَّقُ الشَّركةُ في الرِّبحِ.

قال ابنُ قُدامةَ : لا يَجوزُ أنْ يُجعَلَ لِأحدٍ مِنَ الشُّركاءِ فَضلُ دَراهِمَ.

وجُملتُه أنَّه مَتى جعَل نَصيبَ أحدِ الشُّركاءِ دَراهِمَ مَعلومةً، أو جعَل مع نَصيبِه دراهِمَ، مِثلَ أنْ يَشترطَ لِنَفْسِه جُزءًا وعَشَرةَ دَراهِمَ بطَلَت الشَّركةُ.

قال ابنُ المُنذِرِ : أجمَع كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على إبطالِ القِراضِ إذا شرَط أحَدُهما أو كِلاهما لِنَفْسِه دَراهِمَ مَعلومةً.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٥٩)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٣٠٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٤٨)، و «الروض المربع» (٢/ ٧٠)، و «منار السبيل» (٢/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>