للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الرَّابِعُ: الجُعلُ، وهو المَعقودُ بهِ:

يُشترَطُ في الجُعلِ عندَ عامَّةِ الفُقهاءِ بعضُ شُروطٍ:

الشَّرطُ الأوَّلُ: أنْ يَكونَ مَعلومًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في العِوَضِ في الجَعالةِ، هَلْ يُشترَطُ أنْ يَكونَ مَعلومًا أو يَصحُّ مَجهولًا؟

فَذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُشترَطُ في الجُعلِ أنْ يَكونَ مَعلومًا، فلا يَصحُّ مَجهولًا، كالإجارةِ وغيرِها مِنْ العُقودِ؛ لأنَّ الجَعالةَ كالإجارةِ والجُعلَ كالأُجرةِ، وحِمْلُ البَعيرِ في الآيةِ مَعلومٌ عندَهم، والقِياسُ على العَملِ لا يَصحُّ، والفَرقُ بينَ العَملِ والعِوَضِ مِنْ وَجهَيْنِ:

أحَدُهما: أنَّ الحاجةَ تَدْعو إلى كَونِ العَملِ مَجهولًا، بألَّا يَعلَمَ مَوضِعَ الضَّالَّةِ والآبِقِ، ولا حاجةَ إلى جَهالةِ العِوَضِ.

والآخَرُ: أنَّ العَملَ لا يَصيرُ لَازِمًا، فلَمْ يَجِبْ كَونُه مَعلومًا، والعِوَضُ يَصيرُ لَازِمًا بإتمامِ العَملِ، فوجَب كَونُه مَعلومًا.

وذهَب الحَنابِلةُ في احتِمالٍ -كما تَقدَّم- كما يَقولُ ابنُ قُدامةَ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ يَكونَ العِوَضُ مَجهولًا، قالَ ابنُ قُدامةَ : ويُحتمَلُ أنْ تَجوزَ الجَعالةُ مَع جَهالةِ العِوَضِ، إذا كانَتِ الجَهالةُ لا تَمنَعُ التَّسليمَ، نحوَ أنْ يَقولَ: مَنْ رَدَّ عَبدِي الآبِقَ فله نِصفُه، ومَن رَدَّ ضالَّتي فله ثُلُثُها، فإنَّ أحمدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>