للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما استِدلالُهم بأنَّ النبيَّ ما عقَدَ نِكاحًا إلا بعدَ خُطبةٍ فقدْ قيلَ: «إنَّه نكَحَ بعضَ نِسائِه بغَيرِ خُطبةٍ»، وقد زوَّجَ الواهِبةَ بغَيرِ خُطبةٍ، وليسَ ما استَدلُّوا به مِنْ العمَلِ المَنقولِ إجماعًا؛ لِما روينَا مِنْ خِلافِه، فلمْ يكُنْ فيه دَليلٌ، ولا في كونِها فَرقًا بينَ الزِّنا والنِّكاحِ دليلٌ على وُجوبِها كالوَلائمِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا خُطبةُ النِّكاحِ المَرويَّةُ عن النبيِّ فقالَ الجُمهورُ: إنها ليسَتْ واجِبةً، وقالَ داوُدُ: هيَ واجبةٌ.

وسببُ الخِلافِ: هل يُحمَلُ فِعلُه في ذلكَ على الوُجوبِ أو على النَّدبِ؟ (٢).

مِقدارُ الخُطبةِ وما يُقالُ فِيها:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنهُ يُندَبُ تقديمُ خُطبةٍ عندَ الخِطبةِ إلى الْتِماسِ النكاحِ، إلَّا أنهُم اختَلفُوا هل المُستحَبُّ خُطبتانِ لِكلٍّ منهُما؟ أم خُطبةٌ واحِدةٌ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشَّافعيةُ إلى أنهُ يُسَنُّ أربَعُ خُطَبٍ.

قالَ المالِكيةُ: نُدِبَ خُطبةٌ عندَ التِماسِ النكاحِ والمُحاولةِ عليهِ، وهي كَلامٌ مُسَجَّعٌ مَبدوءٌ بالحَمدِ والشَّهادتينِ مُشتمِلٌ على آيةٍ فيها أمرٌ بالتَّقوى وعلى ذِكرِ المَقصودِ.


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ١٦٣، ١٦٤).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>