للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يَحِلُّ صَيدُ الكِتابيِّ، فإذا أرسَلَ جارِحةً مُعلَّمًا أو سَهمًا فقتَلَ صَيدًا حَلَّ؛ لعُمومِ قولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، ولأنها ذَكاةٌ كلُّها؛ ولا فرْقَ بينَ تَذكيتِهم الإنسِيِّ والوَحشيِّ، وهو طَعامٌ لهم داخِلٌ في عُمومِ الآيةِ.

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى أنه لا يَحلُّ صَيدُ الكِتابيِّ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤]، فالمُرادُ به المُسلمُ دونَ غيرِه.

وفَرَّقَ المالِكيةُ بينَ حِلِّ ذَبيحةِ الكِتابيِّ وبينَ صَيدِه بأنَّ الصَّيدَ رُخصةٌ، والكافِرُ ولو كِتابيًّا ليسَ مِنْ أهلِها (١).

الشَّرطُ الثالثُ: أنْ يكونَ حَلالًا غيرَ مُحرِمٍ أو في الحَرمِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على حُرمةِ صَيدِ البَرِّ على المُحرِمِ مُطلَقًا أو الصَّيدِ في الحَرمِ، سواءٌ كانَ حلالًا أو مُحرِمًا، وحَلالٌ له صَيدُ البَحرِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ


(١) «التبصرة للخمي» (٤/ ١٤٩٠، ١٤٩١)، و «القوانين الفقهية» ص (١٨١)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٠٨)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٣٣٢)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٥٩)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>