للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبدَ والسَّفيهَ يَجوزُ أنْ يَقبلَا عقْدَ النِّكاحِ لأنفُسِهما، فصَحَّ أنْ يَقبلاهُ لغَيرهِما، فأمَّا توكيلُ المَرأةِ والصبيِّ والمَجنونِ فلا يَصحُّ؛ لأنه لمَّا لم يَصحَّ منهُم قَبولُه لأنفُسِهم لم يَصحَّ منهم قَبولُهم لغَيرِهم.

فأمَّا إنْ كانَ تَوكيلُ الزَّوجِ في تَزويجِ امرأةٍ غَيرِ مُعيَّنةٍ ليَختارَ الوكيلُ، فهل يَلزمُ أنْ يَنضمَّ إلى الشُّروطِ الثَّلاثةِ في الوكيلِ أنْ يكونَ رَشيدًا غيرَ مولًّى عليه بسَفهٍ أم لا؟ على ثَلاثةِ أوجُهٍ (١).

تَوكيلُ المرأةِ غيْرَها في النكاحِ:

يُشترطُ في المُوكِّلِ عندَ عامَّةِ الفُقهاءِ -كمَا تقدَّمَ في كِتابِ الوَكالةِ- أنْ يَملكَ فِعلَ ما يُوكِّلُ فيهِ بنَفسِه؛ لأنَّ التَّوكيلَ تَفويضٌ فيما يَملكُه في التصرُّفِ إلى غَيرِه، فما لا يَملكُه بنَفسِه لا يَصحُّ له أنْ يُوكِّلَ فيه غيرَه، وعليه فقدِ اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ تَزويجِ المَرأةِ نفْسَها:

فمَنْ قالَ: يَجوزُ لها أنْ تزوِّجَ نفْسَها كالإمامِ أبِي حَنيفةَ وزُفرَ والحَسنِ وظَاهرِ الرِّوايةِ عن أبِي يُوسفَ -كمَا سَيأتِي مُفصَّلًا- قَالُوا: يَجوزُ لها أنْ تُوكِّلَ غيرَها في تَزويجِها؛ لأنه يَجوزُ للمرأةِ أنْ تُباشِرَ عقْدَ الزَّواجِ، سَواءٌ أزوَّجَتْ نفْسَها أم زوَّجَتْ غيرَها، فلها أنْ تُوكِّلَ مَنْ يُزوِّجُها؛ لأنَّ مِنْ شَرطِ المُوكِّلِ أنْ يكونَ ممَّن يَملكُ فِعلَ ما وكَّلَ به بنَفسِه، وهي تَملكُه (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ١١٣، ١١٥).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٢/ ٣٥٠)، و «العناية شرح الهداية» (٤/ ٤٠٢، ٤٠٣)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٨٤، ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>