للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القِصاصُ على هُدبةَ بنِ خَشرَمَ سَبعَ دِياتٍ، فأبى أنْ يَقبَلَها، ولأنَّ المالَ غيرُ مُتعيَّنٍ، فلا يَقَعُ العِوَضُ في مُقابَلَتِه.

فأمَّا إنْ صالَحَ عن قَتلِ الخَطَأِ بأكثَرَ مِنْ دِيَتِه مِنْ جِنسِها لَم يَجُزْ؛ لأنَّ الدِّيةَ ثَبَتتْ في الذِّمَّةِ مُقدَّرةً، فلَم يَجُزْ أنْ يُصالِحَ عنها بأكثَرَ منها مِنْ جِنسِها كالثابِتةِ عن قَرضٍ أو ثَمَنِ مَبيعٍ؛ ولأنَّه إذا أخَذَ أكثَرَ منها فقد أخَذَ حَقَّه وزيادةً لا مُقابِلَ لها، فيَكونُ أكلَ مالًا بالباطِلِ، فأمَّا إنْ صالَحَه على غيرِ جِنسِها بأكثَرَ قيمةً منها جازَ؛ لأنَّه بَيعُ ويَجوزُ أنْ يَشتَريَ الشَّيءَ بأكثَرَ مِنْ قيمَتِه أو أقَلَّ.

ومَن صالَحَ عن دارٍ ونَحوِها فبانَ العِوَضُ مُستحَقًّا لِغَيرِ المُصالَحِ أو بانَ القِنُّ حُرًّا، رجَع بالدارِ المُصالَحِ عنها ونَحوِها إنْ بَقيَتْ، وببَدَلِها إنْ تَلِفتْ إنْ كان الصُّلحُ مع الإقرارِ، أي: إقرارِ المُدَّعَى عليه؛ لأنَّه بَيعٌ حَقيقةً، وقد تَبيَّنَ فَسادُه، لِفَسادِ عِوَضِه فرجَع فيما كان له.

وبالدَّعوى مع الإنكارِ، أي: يَرجِعُ إلى دَعواه قبلَ الصُّلحِ؛ لِفَسادِه فيَعودُ الأمرُ إلى ما كان عليه قَبلَه.

الصُّلحُ عما ليس بمالٍ:

ولا يَصحُّ الصُّلحُ عن خيارٍ أو شُفعةٍ أو حَدِّ قَذفٍ؛ لأنَّها لَم تُشرَعْ لاستِفادةِ مالٍ، بلِ الخيارُ لِلنَّظَرِ في الأحَظِّ، والشُّفعةُ لِإزالةِ ضَرَرِ الشَّرِكةِ، وحَدُّ القَذفِ لِلزَّجرِ عن الوُقوعِ في أعراضِ الناسِ.

وتَسقُطُ جَميعُها بالصُّلحِ؛ لأنَّه رَضيَ بتَرْكِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>