قالَ الحَنابِلةُ: يُعطي الأميرُ لمَن بعَثَه لمَصلَحةٍ -كرَسولٍ وجاسوسٍ ودَليلٍ وشِبهِهم- وإنْ لم يَشهَدوا، ولمَن خلَّفَه الأميرُ في بِلادِ العَدوِّ، فكلُّ هؤلاء يُسهَمُ لهم؛ لأنَّهم في مَصلَحةِ الجَيشِ، وهم أوْلى بالإسهامِ ممَّن شهِد ولم يُقاتلْ.
ولا يُسهَمُ لمَن لا يُمكِنُه قِتالٌ لمَرضٍ ولا لدابةٍ لا يُمكِنُه قِتالٌ عليها لمَرضٍ كزَمانةٍ وشَللٍ لخُروجِه عن أهليةِ الجِهادِ بخِلافِ حُمَّى يَسيرةٍ وصُداعٍ ووَجعِ ضِرسٍ ونَحوِها فيُسهَمُ له؛ لأنَّه لم يَخرجْ عن أهليةِ الجِهادِ ولا يُسهَمُ لمُخذِلٍ ومُرجِفٍ ونَحوِهما، كَرامٍ بينَنا بفِتَنٍ ومُكاتِبٍ بأخبارِنا؛ لأنَّه مَمنوعٌ من الدُّخولِ مع الجَيشِ أشبَهَ الفَرسَ العَجيفَ ولو ترَكَ ذلك -أي: التَّخذيلَ والإرجافَ ونَحوَهما- وقاتَلَ لا يُرضَخُ له، أي: المُخذِلِ والمُرجِفِ ونَحوِهما، لما تَقدَّم، ولا يُسهَمُ ولا يُرضَخُ لمَن نَهاه الأميرُ أنْ يَحضُرَ فلمْ يَنتَهِ؛ لأنَّهم عُصاةٌ (١).
أمَّا المالِكيةُ فقالُوا: إنَّ المُغيَّبَ على ثَلاثةِ أوجُهٍ: إمَّا بمَرضٍ أو بضَلالٍ أو بأسْرٍ.
(١) «المغني» (٩/ ٢١١)، «الكافي» (٤/ ٣٠٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٨٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٦٤٤).