للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا نَظَرتَ إلى أسِرةِ وَجهِه برَقَت كبَرقِ العارِضِ المُتهلِّلِ

ومُبرإٍ من كل غُبَّرِ حَيضةٍ وفَسادِ مُرضِعةٍ وداءٍ مُغيَلِ

مَعناه أنَّها حمَلَت به وهي طاهِرةٌ ليسَت بها بَقيةُ حَيضٍ ووضَعَته ولا داءَ به استَصحَبَه من بَطنِها ولم تُرضِعْه أُمُّه غَيلًا، والشاهِدُ أنَّ الحَملَ به لم يَكنْ حالَ حَيضٍ، ولم يُنكِرْ عليها؛ لأنَّ الحَيضَ إذا جرَى على الوَلدِ في الرَّحمِ أكسَبَه بسَوادِه غَبرةً في جِلدِه فيَكونُ أقتَمَ عَديمَ الوَضاءةِ، فدَلَّ ذلك على أنَّه أمرٌ مُتعارَفٌ عندَهم.

وأمَّا دِلالتُه على البَراءةِ فهي على سَبيلِ الغالِبِ، وحَيضُ الحامِلِ هو القَليلُ والنادِرُ فلا يُناقِضُ دِلالةَ الغالِبِ (١).

طَهارةُ الحائِضِ والجُنبِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على طَهارةِ جَسدِ الحائِضِ، وعَرقِها وسُؤرِها، وجَوازِ أكلِ طَبخِها وعَجنِها، وما مَسَّته من المائِعاتِ، والأكلِ معها ومُساكَنتِها، من غيرِ كَراهةٍ لمَا رُويَ أنَّ اليَهودَ كانوا إذا حاضَتِ المَرأةُ فيهم لم يُؤاكِلوها، ولم يُجامِعوها في البَيتِ، فسألَ أَصحابُ النَّبيِّ عن ذلك، فأنزَلَ اللهُ تَعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ الآيةَ فقالَ : «اصنَعوا كلَّ شَيءٍ إلا النِّكاحَ»، فبلَغَ ذلك اليَهودَ، فقالوا: ما يُريدُ هذا الرَّجلُ أنْ


(١) الإشراف على نكت «مسائل الخلاف» (١/ ١٩٥)، و «الذخيرة» (١/ ٣٨٧)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٢٧١)، و «التاج والإكليل» (١١/ ٣٦٨)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ٢٠٥)، و «منح الجيل» (١/ ١٦٨)، و «الإفصاح» (١/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>