وإنْ قُلْنا: إنَّ لِلوَكيلِ إحداهُما كانَ له التي لا تُساوي دِينارًا بحِصَّتِها مِنْ الدِّينارِ، ولِلمُوكِّلِ الخِيارُ في أخْذِها، كما مَضَى.
وَإنِ ابتاعَ الشَّاتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُساوي كلُّ واحِدةٍ منهما دِينارًا بعَينِ دِينارِ المُوكِّلِ، فإنْ قُلْنا: إنَّ الجَميعَ لِلمُوكِّلِ صَحَّ البَيعُ فيهِما له، والحُكمُ فيهِما ما مَضَى، وإنْ قُلْنا: إنَّ المِلْكَ في إحداهُما لِلوَكيلِ صَحَّ البَيعُ في إحداهُما، ويَبطُلُ في الأُخرَى؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يَصحَّ له الِابتِياعُ بعَينِ مالِ غيرِه (١).
مَنْ وُكِّلَ في شِراءِ سِلعةٍ فاشتَراها لِنَفْسِهِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو وكَّل المُوكِّلُ الوَكيلَ في شِراءِ سِلعةٍ بعَينِها فاشتَراها الوَكيلُ لِنَفْسِه، هَلْ تَقِعُ له أو لِلمُوكِّلِ؟ على أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ لِلحَنَفيَّةِ: ذهَب الحَنفيَّةُ إلى التَّفريقِ بينَ أنْ يَشتَريَها لِنَفْسِه في حَضرةِ المُوكِّلِ أو في غَيبَتِه، وبينَ أنْ يَشتَريَها بغيرِ جِنسِ الثَّمنِ، أو بخِلافِ ما سمَّى له مِنْ جِنسِ الثَّمنِ.
فَقالوا: إنْ وكَّله في شِراءِ شَيءٍ بعَينِه فاشتَراه لِنَفْسِه في غَيبةِ المُوكِّلِ لَم يَقَعْ لِلوَكيلِ، ويَقَعُ لِلمُوكِّلِ؛ لأنَّ الوَكيلَ لا يَجوزُ له أنْ يَعزِلَ نَفْسَه إلَّا بحَضرةِ المُوكِّلِ، ولأنَّ الآمِرَ اعتَمَدَ عليه في شِرائِه، فيَصيرُ كَأنَّه خَدَعَه بقَبولِ الوَكالةِ ليَشترِيَه لِنَفْسِه، وأنَّه لا يَجوزُ. حتى لو اشتَراه لِنَفْسِه ناويًا أو مُتَلَفِّظًا بأنْ صرَّح به بأنْ قالَ: اشترَيتُ لِنَفْسَي، وقَع لِلمُوكِّلِ.
(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٦/ ٤٤١، ٤٤٣)، و «التنبيه» ص (١٠٩)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٢٤١).