للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ رَهنِ المَشاعِ:

اختَلَف الفُقهاءُ في حُكمِ رَهنِ المَشاعِ هل يَصحُّ أو لا؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى جَوازِ صِحَّةِ رَهنِ المَشاعِ مِنْ عَقارٍ وحَيوانٍ، كما يَصحُّ بَيعُه وهِبَتُه ووَقفُه، سَواءٌ كانتِ البَقيَّةُ للراهِنِ أو لِغَيرِه؛ لأنَّ كُلَّ عَينٍ جازَ بَيعُها جازَ رَهنُها؛ لأنَّ مَقصودَ الرَّهنِ الاستيثاقُ بالدَّينِ لِلتَّوصُّلِ إلى استِيفائِه مِنْ ثَمَنِ الرَّهنِ إنْ تَعذَّرَ استيفاؤُه مِنْ ذِمَّةِ الراهِنِ، وهذا يَتحقَّقُ في كلِّ عَينٍ جازَ بَيعُها، ولأنَّ ما كان مَحَلًّا للبَيعِ كان مَحَلًّا لِحِكمةِ الرَّهنِ، ومَحَلُّ الشَّيءِ مَحَلٌّ لِحِكمَتِه؛ إلا أنْ يَمنَعَ مانِعٌ مِنْ ثُبوتِه أو يَفوتَ شَرطٌ فيَنتَفيَ الحُكمُ لانتِفائِه، فصَحَّ رَهنُ المَشاعِ لذلك، إذْ لا ضَرَرَ على الشَّريكِ؛ لأنَّه يَتعامَلُ مع المُرتَهَنِ كما كان يَتعامَلُ مع الراهِنِ، وقبَضه بقَبضِ الجَميعِ، فيَكونُ بالتَّخليةِ في غيرِ المَنقولِ، وبالنَّقلِ في المَنقولِ.

ولأنَّه يَصحُّ قَبضُه بالبَيعِ صَحَّ ارتِهانُه كالمَقسومِ، ولأنَّ إشاعَتَه لا تَمنَعُ صِحَّةَ الرَّهنِ، أصلُه إذا رهَن دارًا مِنْ رَجُلَيْنِ؛ ولأنَّ كلَّ ما لو رَهَنه مع غَيرِه صَحَّ فكذلك إذا رَهَنه مُنفَرِدًا، أصلُه الداران إذا رَهَنهما مِنْ رَجُلٍ؛ ولأنَّها حالٌ لِلرَّهنِ جازَ أنْ يَتناوَلَ المَشاعَ، أصلُه ثاني حالٍ، وهو أنْ يَرهَنَه دارًا تَمَّ بَيعُ نِصفِها؛ ولأنَّ كلَّ عَقدٍ جازَ أنْ يُعقَدَ على بَعضِ الجُملةِ مَقسومًا جازَ أنْ يَعقِدَ على ذلك البَعضِ مَشاعًا، أصلُه البَيعُ، ولأنَّ كلَّ عَقدٍ جازَ على عَينٍ لِنَفْسَيْنِ جازَ على نِصفِها لِأحَدِهما، أصلُه البَيعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>