للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ السادِسُ: ألاَّ يَكونَ المُوصَى له وارِثًا عندَ المَوتِ:

الوَصيةُ للوَرثةِ:

أجمَعَ عُلماءُ المُسلِمينَ على أنَّ الوَصيةَ لا تَصحُّ لوارِثٍ وَقتَ مَوتِ المُوصي؛ لقَولِ النَّبيِّ : «إنَّ اللهَ قد أَعطَى كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، فلا وَصيةَ لوارِثٍ» (١)، فقد نَفَى الشارِعُ أنْ يَكونَ لوارِثٍ وَصيةٌ نَصًّا، وأَشارَ إلى تَحولِ الحَقِّ من الوَصيةِ إلى المِيراثِ، ولأنَّا لو جوَّزْنا الوَصيةَ للوَرثةِ لكانَ للمُوصي أنْ يُؤثِرَ بعضَ الوَرثةِ، وفيه إِيذاءُ بعضٍ وإِيحاشُهم فيُؤدِّي إلى قَطعِ الرَّحمِ وهو حَرامٌ، وما أَفضَى إلى الحَرامِ فهو حَرامٌ دَفعًا للتَّناقُضِ (٢).

ولأنَّ النَّبيَّ منَعَ من عَطيةِ بعضِ وَلدِه وتَفضيلِ بعضِهم على بعضٍ في حالِ الصِّحةِ وقُوةِ المِلكِ وإِمكانِ تَلافي العَدلِ بينَهم بإِعطاءِ الذي لم يُعطِه فيما بعدَ ذلك؛ لمَا فيه مِنْ إِيقاعِ العَداوةِ والحَسدِ بينَهم، ففي حالِ مَوتِه أو مَرضِه وضَعفِ مِلكِه وتَعلُّقِ الحُقوقِ به وتَعذُّرِ تَلافي العَدلِ بينَهم أَولى وأحرى (٣).

قالَ الإِمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ من يُحفَظُ عنه من عُلماءِ الأَمصارِ من أهلِ المَدينةِ وأهلِ مَكةَ والكُوفةِ والبَصرةِ والشامِ ومِصرَ وسائِرِ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أَبو داود (٢٨٧٠، ٣٥٦٥)، والترمذي (٢١٢٠)، وابن ماجه (٢٧١٣)، وأَحمد (٢٢٣٤٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٧).
(٣) «المغني» (٦/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>