البائِعَ، مثلَ أنْ يَشتَريَ لِنَفْسِه مِنْ مالِ وَلَدِه، أو اشتَرَى لِوَلَدِه مِنْ مالِ نَفْسِه، لَم يَثبُتْ فيه خِيارُ المَجلِسِ؛ لأنَّه تَولَّى طَرَفَيِ العَقدِ، فلَم يَثبُتْ له خِيارٌ، كالشَّفيعِ.
وذهَب الشافِعيَّةُ في المَشهورِ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ خِيارَ المَجلِسِ يثبُتُ، ولا يَلزَمُ العَقدُ إلَّا بمُفارَقةِ الأبِ مَجلِسَ العَقدِ، أو باختيارِه لِلإمضاءِ؛ لأنَّه لمَّا قامَ مَقامَ الِابنِ في العَقدِ قامَ مَقامَه في خِيارِ المَجلِسِ؛ لأنَّ الِافتِراقَ لا يُمكِنُ ههُنا؛ لِكَونِ البائِعِ هو المُشتَريَ.
وفي قَولٍ ثالِثٍ لِلشافِعيَّةِ وهو قَولٌ لِلحَنابِلةِ أنَّ الخِيارَ يثبُتُ، ولكنْ لا يَلزَمُ إلَّا بالِاختيارِ بالقَولِ، ولا يَلزَمُ بمُفارَقَتِه مَجلِسَ العَقدِ؛ لأنَّه لمَّا كانَ هو العاقِدَ -لا غيرُ- كانَ كالمُتبايِعَيْنِ إذا قاما مِنْ مَجلِسِهما إلى مَجلِسٍ آخَرَ، وتَرافَقا إلى مَكانٍ بَعيدٍ، فلا يَبطُلُ خِيارُهما ما لَم يَتفَرَّقا، إلَّا بالتَّخايُرِ (١).
لو تَبايَعا على نَفْيِ خِيارِ المَجلِسِ:
اختلَف العُلماءُ فيما لو تَبايَعا وشرَطا نَفْيَ خِيارِ المَجلِسِ، هل يَبطُلُ البَيعُ أو لا؟
فقالَ الشافِعيَّةُ في أصَحِّ الأوْجُهِ عندَهم والحَنابِلةُ في قَولٍ: البَيعُ باطِلٌ؛ لأنَّه يُنافي مُقتَضاه، فأشبَهَ ما لو شرَط ألَّا يُسلِّمَ المَبيعَ.
(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٢٢)، و «المغني» (٤/ ٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٦٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣٠).