للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادِسًا: الحَجْرُ:

ذكَر الفُقهاءُ أنَّ الحَجْرَ مِنْ أسبابِ بُطلانِ الوَكالةِ في الجُملةِ على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ.

قالَ الحَنفيَّةُ: إذا وكَّل مَأذونٌ له وَكِيلًا ثم حَجَرَ على ذلك المَأْذونِ وَليُّه بطَلتِ الوَكالةُ؛ لأنَّ قِيامَ الوَكالةِ يَعتَمِدُ على قِيامِ الآمِرِ، ولأنَّه بالحَجرِ عليه بطَلتْ أهلِيَّةُ آمِرِه بالتَصرُّفِ في المالِ، فيَبطُلُ الآمِرُ بالحَجْرِ، فتَبطُلُ الوَكالةُ، ولا فَرقَ بينَ العِلمِ وعَدمِه؛ لأنَّ هذا عَزْلٌ حُكمِيٌّ، فلا يَتوقَّفُ على العِلمِ، كالمَوتِ، وهذا في الوَكيلِ بالعُقودِ، أوِ الخُصوماتِ.

وأمَّا الوَكيلُ بقَضاءِ الدَّيْنِ أو اقتِضائِه فلا يَنعزِلُ بحَجْرِ المَأْذونِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: تَبطُلُ الوَكالةُ ويَنعزِلُ الوَكيلُ بفَلَسِ مُوكِّلِه الأخَصِّ، لِانتِقالِ المالِ لِلغُرَماءِ (٢).

والمُرادُ بالفَلَسِ الأخَصِّ: هو حُكمُ الحاكِمِ بخَلعِ ما بيَدِ المُفلِسِ لِغُرَمائِه بشُروطِه، بأنْ يَطلُبَ الغُرَماءُ تَفليسَ المَدِينِ، وأنْ يَكونَ الدَّيْنُ الذي عليه حالًّا، وأنْ يَكونَ ذلك الدَّيْنُ الحالُّ يَزيدُ على ما بيَدِ المَدينِ مِنْ المالِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٨)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٥)، و «اللباب» (١/ ٥٦٢)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٣٩)، و «الهندية» (٣/ ٦٣٨).
(٢) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>