للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا لا يَخلو مِنْ حالتَينِ:

الحالةُ الأُولى: أنْ تكونَ حائِلًا غيرَ حاملٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُتوفَّى عنها زوجُها وكانَتْ حائِلًا غيرَ حامِلٍ هل تَجبُ لها السُّكنى أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ إلى أنه يَجبُ لها السُّكنى؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ [البقرة: ٤٠]، فذكَرَ اللهُ تعالَى في هذهِ الآيةِ أحكامًا، منها: أنَّ المُتوفَّى عنها لا تَخرجُ مِنْ منزلِها، وأنَّ العدَّةَ حَولٌ، وأنَّ لها النَّفقةَ والوَصيةَ، فنُسخَتِ العدَّةُ فيما زادَ على أربَعةِ أشهُرٍ وعَشرٍ بالآيةِ الأُولى، ونُسخَتِ النَّفقةُ بآيةِ المِيراثِ، وبَقيتِ السُّكنى على ظاهِرِ الآيةِ؛ بدَليلِ ما رُويَ عن فُريعةَ بنتِ مالكٍ أنها قالَتْ: «أتيتُ النبيَّ وقلتُ: يا رَسولَ اللهِ إنَّ زَوجِي خرَجَ في طَلبِ عَبيدٍ له هَرَبوا، فلمَّا وجَدَهم .. قَتلوهُ، ولم يَتركْ لي مَنزلًا، أفأَنتقِلُ إلى أهلِي؟ فقالَ لها: نعم، ثم دَعَاها قبلَ أنْ تَخرجَ مِنْ الحُجرةِ فقالَ: اعتَدِّي في البيتِ الذي أتاكِ فيه وَفاةُ زَوجِكِ حتَّى يَبلغَ الكتابُ أجَلَه أربَعةُ أشهُرٍ وعَشرًا»، ولأنها مُعتدةٌ عن نِكاحٍ صَحيحٍ، فوجَبَ لها السُّكنى كالمطلَّقةِ (١).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٤، ٢٥)، رقم (١٣٧٨)، و «البيان» (١١/ ٥٩)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٦٦، ١٦٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>