للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه لَم يُسَلِّمْ عَملَه، وبَينَ تَضمينِه في المَوضِعِ الذي أفسَدَه الحامِلُ، أو فَسَدَ بنَحوِ تَعَدِّيه فيه، ولِلحامِلِ حينئذٍ الأُجرةُ إلى ذلك المَكانِ الذي تَلِفَ فيه، لأنَّ تَضمينَه قِيمَتَه فيه في مَعنَى تَسَلُّمِه فيهِ (١).

إذا عَمِلَ أجيرٌ خاصٌّ عندَ أجيرٍ مُشترَكٍ:

قَدْ تَقدَّمَ اتِّفاقُ العُلماءِ على أنَّ الأجيرَ الخاصَّ أمينٌ لا يَضمَنُ ما تَلِفَ تَحتَ يَدِه مِنْ غيرِ تَعَدٍّ ولا تَفريطٍ، وجُمهورُ العُلماءِ يَرَوْنَ أنَّ الأجيرَ المُشترَكَ ضامِنٌ، فإذا استَأجَرَ أجيرٌ مُشترَكٌ أجيرًا خاصًّا يَعمَلُ عِندَه مُياوَمةً أو مُشاهَرةً أو غيرَ ذلك؛ فتَلِفَتِ العَينُ في يَدِه مِنْ غيرِ تَعَدٍّ ولا تَقصيرٍ؛ فإنَّ عامَّةَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ الذين يَقولونَ بتَضمينِ الأجيرِ المُشترَكِ قالوا: لا يَضمَنُ الأجيرُ الخاصُّ الذي يَعمَلُ عندَ الأجيرِ المُشترَكِ، ويَكونُ لِكُلٍّ حُكمُه.

وقالَ المالِكيَّةُ: لا يَضمَنُ الأجيرُ الذي تَحتَ يَدِ الصَّانِعِ ما تَلِفَ منه، لا لِلصَّانِعِ ولا لربِّ الشَّيءِ المَصنوعِ الذي تَلِفَ؛ لأنَّه أمينٌ لِلصَّانِعِ ما لَم يُفرِّطْ؛ وسَواءٌ غابَ عليه أو لا، فإذا دفعَ إليه شَيئًا يَعمَلُه في دارِه أو غابَ عليه فلا ضَمانَ عليه (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٣٠٧)، و «الكافي» (٢/ ٣٣١)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٢٧)، و «المبدع» (٥/ ١١٢)، و «الإنصاف» (٦/ ٧٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤، ٤٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٦٩، ٧٠)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٨٣، ٦٨٤).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٧٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٩٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٢٩)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٧٥)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>