للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَتلُ المرتَدَّةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المَرأةِ إذا ارتَدَّتْ عن الإسلامِ، هل تُقتَلُ أم تُحبَسُ أم تُستَرقُّ؟ ففي ذلكَ ثلاثةُ أقوالٍ:

القَولُ الأولُ: أنها تُستَرقُّ ولا تُقتلُ، رُويَ ذلكَ عن أبي حَنيفةَ في رِوايةٍ عنه، ورُويَ عن عَليٍّ والحَسنِ وقَتادةَ وعُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ؛ لأنَّ أبا بَكرٍ استَرقَّ نساءَ بَني حَنيفةَ وذَرارِيهم وأعطَى عَليًّا منهُم امرأةً فولَدَتْ له مُحمدَ بنَ الحَنفيةِ، وكانَ هذا بمَحضرٍ مِنْ الصَّحابةِ، فلمْ يُنكَرْ فكانَ إجماعًا (١).

والقَولُ الثاني: تُجبَرُ على الإسلامِ بالحَبسِ والضَّربِ ولا تُقتلُ، ولكنْ تُحبَسُ حتى تُسلِمَ، لكنْ لو قتَلَها إنسانٌ فلا شيءَ عليه.

وكَيفيَّةُ حَبسِ المَرأةِ أنْ يَحبسَها القاضي ثمَّ يُخرجَها في كلِّ يومٍ يَعرِضُ عليها الإسلامَ، فإنْ أبَتْ ضرَبَها أسواطًا، ثمَّ يَعرِضُ عليها الإسلامَ، فإنْ أبَتْ حبَسَها، يَفعلُ بها هكذا كلَّ يَومٍ أبَدًا حتى تُسلمَ أو تَموتَ، وهذا إذا كانَتْ في دارِ الإسلامِ، وهذا قَولُ الحَنفيةِ؛ «لنَهيِّ النبيِّ عن قَتلِ النِّساءِ»، ولأنها لا تُقتلُ بالكُفرِ الأصليِّ، فلا تُقتلُ بالطارِئِ كالصبيِّ.

أما إذا لَحقَتْ بدارِ الحَربِ بعدَ ارتِدادِها فحِينئذِ يَجوزُ سِباؤُها (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٣٥)، و «المبسوط» (١٠/ ١٠٨)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٤٠)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٨٥)، و «الاختيار» (٤/ ١٥٥)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٥٠٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٣٥)، و «المبسوط» (١٠/ ١٠٨)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٤٠)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٨٥)، و «الاختيار» (٤/ ١٥٥)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>