للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثانِيةُ: القَتلُ بغَيرِ المحدَّدِ ممَّا يَغلبُ على الظَّنِّ حُصولُ الزُّهوقِ به عندَ استِعمالِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو قتَلَ إنسانًا بغَيرِ مُحدَّدٍ ممَّا يَغلبُ على الظنِّ حُصولُ الزُّهوقِ به، كمَن ضرَبَ آخَرَ بحَديدٍ أو خَشبٍ أو ألقَى عليهِ حائِطًا أو حَجرًا كَبيرًا لا حَدَّ فيه أو رَضَّ رَأسَه بحَجرٍ، هل هو عَمدٌ يُوجِبُ القِصاصَ؟ أم ليسَ بعَمدٍ ولا يُوجبُ القِصاصَ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ مِنْ الحَنفيةِ إلى أنه عَمدٌ يُوجِبُ القِصاصَ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [الإسراء: ٣٣]، وهذا مَقتولٌ ظُلمًا.

وقالَ اللهُ تعالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨].

ورَوى أنسٌ «أنَّ يَهوديًّا قتَلَ جارِيةً على أوضَاحٍ لها فقتَلَها بحَجرٍ، فجِيءَ بها إلى النبيِّ وبها رَمقٌ فقالَ: أقتَلَكِ فُلانٌ؟ فأشارَتْ برَأسِها أنْ لا، ثمَّ قالَ الثانِيةَ، فأشارَتْ برَأسِها أنْ لا، ثمَّ سَألَها الثالِثةَ، فأشارَتْ برَأسِها أنْ نَعمْ، فقتَلَه النبيُّ بحَجرَينِ» (١).

وروَى أبو هُريرةَ قالَ: قامَ رَسولُ اللهِ فقالَ: «ومَن قُتلَ له قَتيلٌ فهو بخَيرٍ النَّظرينِ: إما يُودَى، وإمَّا أنْ يُقادَ» (٢)، ولأنه يَقتلُ غالِبًا، فأشبَهَ المُحدَّدَ.


(١) أخرجه البخاري (٦٤٨٥)، ومسلم (١٦٧٢).
(٢) أخرجه البخاري (١١٢)، ومسلم» (١٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>