للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الكاسانِيُّ : ولو وقَفَ أشجارًا (١) قائِمةً، فالقِياسُ ألَّا يَجوزَ؛ لأنه وقَفَ المَنقولَ، وفي الاستِحسانِ يَجوزُ؛ لتَعامُلِ الناسِ ذلكَ.

وأمَّا وَقفُ الكُتبِ فلا يَجوزُ على أصلِ أبي حَنيفةَ، وأمَّا على قَولِهما فقدِ اختَلفَ المَشايخُ فيهِ، وحُكِيَ عن نَصرِ بنِ يَحيى أنه وقَفَ على الفُقهاءِ مِنْ أصحابِ أبي حَنيفةَ (٢).

ثالثًا: وَقفُ المَنفعةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المَنفعةِ، هل يَجوزُ وَقفُها دونَ الرَّقبةِ كمَن استَأجرَ دارًا وأوقَفَها؟ أم لا يَجوزُ وَقفُها إلا مع الرَّقبةِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى عَدمِ جَوازِ وَقفِ المَنفعةِ دونَ الرَّقبةِ، مُؤقَّتةً كانَتْ كالإجارةِ أو مُؤبَّدةً كالوَصيةِ؛ لأنَّ الرَّقبةَ أصلٌ والمَنفعةَ فَرعٌ، والفَرعُ يَتبعُ الأصلَ، ولأنَّ مِنْ شَرطِ الوَقفِ أنْ تَكونَ عَينًا يُنتفعُ بها مع بَقاءِ عَينِها، وأنْ تَكونَ مُؤبَّدةً (٣).


(١) قالَ ابنُ عابدِينَ في «الحامدية» (٢/ ٢٠٧): والشَّجرُ مِنْ قَبيلِ المَنقولِ كما صرَّحَ به في «البَحْر».
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٢٠).
(٣) «شرح فتح القدير» (٦/ ٢١٣)، و «العناية شرح الهداية» (٨/ ٣٣١، ٣٣٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٠١)، و «اللباب» (١/ ٦٢١)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٤، ٢١٢)، و «ابن عابدين» (٤/ ١٤١)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٥١٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٦٠)، و «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٣/ ٣٥٨)، و «الروض المربع» (٢/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>