للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثانِيةُ: ألا يَشرطَه الواقِفُ، بأنْ سكَتَ أو شرَطَ عدَمَه، لكنْ صارَ المَوقوفُ لا يُنتفعُ به بالكُليَّةِ، بأنْ لا يحصلَ منه شيءٌ أصلًا أو لا يَفِيَ بمُؤنتِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو اشتَرطَ الواقفُ عدَمَ الاستِبدالِ أو سكَتَ، ولكِنْ صارَ المَوقوفُ لا يُنتفعُ به بالكُليَّةِ، بأنْ لا يحصلَ منه شَيءٌ أصلًا أو لا يَفِيَ بمُؤنتِه، هل يَصحُّ بَيعُه والاستِبدالُ به؟ أم لا يَجوزُ بحالٍ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى جَوازِ الاستِبدالِ ومُخالَفةِ شَرطِ الواقفِ في هذه الحالةِ للمَصلحةِ، قالوا: لو شرَطَ الواقِفُ عدَمَ استِبدالِ الوَقفِ فللقاضِي الاستِبدالُ للمَصلحةِ بعدَّةِ شُروطٍ:

١ - أنْ يَخرجَ عن الانتفاعِ بالكُليَّةِ.

٢ - وألَّا يَكونَ هُناكَ رَيعٌ للوَقفِ يُعمرُ به.

٣ - وألَّا يَكونَ البَيعُ بغَبنٍ فاحِشٍ.

٤ - وأنْ يَكونَ المُستبدِلُ قاضيَ الجَنَّةِ المُفسَّرُ بذي العِلمِ والعَملِ؛ لِئلَّا يَحصلَ التطرُّقُ إلى إبطالِ أوقافِ المُسلمينَ كما هو الغالِبُ في زَمانِنا.

٥ - قالَ ابنُ نُجيمٍ: ويَجبُ أنْ يُزادَ آخَرُ في زَمانِنا، وهو أنْ يُستبدلَ بعَقارٍ لا بدَراهِمَ ودنانيرَ، فإنَّا قد شاهَدْنا النُّظَّارَ يَأكلونَها وقَلَّ أنْ يَشتريَ بها بَدلًا، ولمْ نَرَ أحَدًا مِنْ القُضاةِ فتَّشَ على ذلكَ مع كَثرةِ الاستِبدالِ في زَمانِنا، مع أني نَبَّهتُ بَعضَ القُضاةِ على ذلكَ، وهَمَّ بالتَّفْتيشِ ثم ترَكَ (١).


(١) «الأشباه والنظائر» (١٩٥)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٤١)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٨٤، ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>