للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الجَعالةِ وأدِلَّةُ مَشروعيَّتِها:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الجَعالةَ جائِزةٌ في رَدِّ العَبدِ الأبِقِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : الجَعالةُ في رَدِّ الضَّالَّةِ والآبِقِ وغيرِهما جائِزةٌ، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ ومالِكٍ والشَّافِعيِّ، ولا نَعلَمُ فيه مُخالِفًا (١).

وقالَ ابنُ هُبَيرةَ : اتَّفَقوا على أنَّ رَدَّ الآبِقِ يَستحقُّ الجُعلَ برَدِّه إذا شرَطه (٢).

واختَلَفوا فيما عَداه، هل تَصحُّ الجَعالةُ فيه أو لا؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الجَعالةَ جائِزةُ، واستَدَلُّوا على جَوازِها بما يَلي:

قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾ [يوسف: ٧٢]، وكانَ حِملُ البَعيرِ مَعلومًا عندَهم، كالوَسقِ، وشَرعُ مَنْ قبلَنا شَرعٌ لَنا، ما لَم يَرِدْ في شَرعِنا ما يُخالِفُه.

ولِمَا في الصَّحيحَيْنِ عن أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتى نَزَلُوا على حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلك الحَيِّ، فَسَعَوْا له بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بعضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الذين نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عندَ بعضِهِمْ شَيْءٌ. فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ


(١) «المغني» (٦/ ٢٠).
(٢) «الإفْصاح» (٢/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>