للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِجارةِ لا يُوجِبُ ضَمانًا، وإنْ أجَّرَه بغيرِ إذنٍ لَم تَصحَّ الإِجارةُ، ويَكونُ على المُستأجِرِ الضَّمانُ وللمالكِ تَضمينُ مَنْ شاءَ منهما (١).

المَسألةُ الثالثةُ: إِعارةُ العينِ المُستَعارةِ:

اختَلفَ الفَقهاءُ في المُستَعيرِ هل يَجوزُ له أنْ يُعيرَ ما استَعارَه أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في مُقابلِ الصَّحيحِ إلى أنَّه يَجوزُ للمُستعيرِ أنْ يُعيرَ ما استَعارَه كما يَجوزُ للمُستأجِرِ أنْ يُعيرَ ما استَأجرَه إلا أنْ يَنهاه ربُّها عن الإِعارةِ (٢).

قالَ الحَنفيةُ: يَجوزُ للمُستعيرِ أنْ يُعيرَه إذا كانَ لا يَختلفُ باختِلافِ المُستعملِ؛ لأنَّ العارِيةَ تَمليكُ المَنافعِ، وإذا كانَت تَمليكًا فمَن ملَكَ شيئًا جازَ له أنْ يُملِّكَه على حَسبِ ما ملَكَ، وإنَّما شرَطَ ألَّا يَختلِفَ باختِلافِ المُستعمَلِ دَفعًا لمَزيدِ الضَّررِ عن المُعيرِ؛ لأنَّه رضِيَ باستِعمالِه لا باستِعمالِ غيرِه.

وإنَّما يَجوزُ له أنْ يُعيرَ إذا صدَرْت مُطلَقةً بأنِ استَعارَ دابَّةً ولَم يسمِّ له شيئًا، فإنَّ له أنْ يَحملَ ويُعيرَ غيرَه للحملِ، وله أنْ يَركبَ ويُركِبَ غيرَه؛ لأنَّه لمَّا أطلَقَ فله أنْ يُعيرَ حتى لو ركِبَ بنفسِه ليسَ له أنْ يُركبَ غيرَه؛


(١) «المغني» (٥/ ١٣٢).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٧٠)، و «اللباب» (١/ ٦٥٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٨)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٢٤٣)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٢١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٤٢، ١٤٣)، و «حاشية الصاوي» (٨/ ١٨٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٤١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>