الانتِفاعُ عِوَضُ النَّفَقةِ، وذلك إنَّما يَتأتَّى مِنَ المُرتَهَنِ، أمَّا الراهِنُ فإنفاقُه وانتِفاعُه ليسا بسَبَبِ الرُّكوبِ، ولو تُرِكتْ لَذهَبتْ مَجَّانًا، وكذا اللَّبَنُ لو تُرِكَ لَفَسَد، وبَيعُه أوَّلًا فأوَّلًا مُتعذِّرٌ، والحَيوانُ لا بُدَّ له مِنْ نَفَقةٍ، فقد يَتعذَّرُ مِنَ المالِكِ، وبَيعُ بَعضِ الرَّهنِ فيها قد يُفوِّتُ الحَقَّ بالكُلِّيَّةِ، وهذا فيما إذا أنفَقَ مُحتسِبًا بالرُّجوعِ، فإنْ كان مُتبرِّعًا لَم يَنتفِعْ، رِوايةً واحِدةً.
وأمَّا غيرُ ذلك -وهو مما لا يَحتاجُ إلى مُؤنةٍ، كالدارِ والمَتاعِ- فلا يَجوزُ لِلمُرتَهَنِ الانتِفاعُ بشَيءٍ منه بلا خِلافٍ بينَ العُلماءِ؛ لأنَّ نَماءَ الرَّهنِ يَسلُكُ به مَسلَكَه.
وله الانتِفاعُ بالرَّهنِ مَجَّانًا بإذْنِ الراهِنِ؛ لِطِيبِ نَفْسِ رَبِّه به ما لَم يَكُنِ الدَّينُ قَرضًا، فإنْ كان الدَّينُ قَرضًا حَرُمَ الانتِفاعُ؛ لِجَرِّ النَّفعِ.
قال أحمدُ ﵀: أكرَهُ قَرضَ الدُّورِ، وهو الرِّبا المَحضُ، يَعني: إذا كانتِ الدارُ رَهنًا في قَرضٍ يَنتفِعُ بها المُرتَهَنُ.
لكنْ يَصيرُ مَضمونًا عليه بالانتِفاعِ به مَجَّانًا؛ لِصَيرورَتِه عاريةً.
الرَّهنُ مَحبوسٌ بجَميعِ المالِ إلى أنْ يُقضى جَميعُ الدَّينِ:
أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الراهِنَ إذا قَضى بَعضَ الدَّينِ الذي الرَّهنُ مَحبوسٌ فيه، أو سَقَط بَعضُه بهِبةٍ أو صَدَقةٍ أو نَحوِ ذلك، فإنَّ جَميعَ الرَّهنِ