للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعيدٌ عن الظنَّةِ في ذلكَ كلِّه، لا سِيَّما إذا كانَت هناكَ داعِيةٌ تَدعو إليه مِنْ إيثارِ مَصلحةٍ أو توقُّعِ مَفسدةٍ، فتَنتفي الظُّنةُ في ذلكَ رأسًا (١).

ثالثًا: الاستِيلاءُ بالقوَّةِ والغَلَبةِ:

نَصَّ عامَّةُ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الخِلافةَ وإمامةَ المُسلمينَ تَثبتُ باستيلاءِ شَخصٍ مُتغلِّبٍ على الإمامةِ.

قالَ المالِكيةُ: تَثبتُ الإمامةُ بتَغلُّبِه على الناسِ؛ لأنَّ مَنْ اشتَدَّتْ وَطْأتُه وجَبَتْ طاعَتُه، وحينئذٍ فلا يُشترطُ فيه شرطٌ مِنْ شروطِ الإمامةِ؛ إذ المَدارُ على درءِ المَفاسدِ وارتكابِ أخَفِّ الضَّررَينِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: تَثبتُ الإمامةُ باستيلاءِ شَخصٍ مُتغلِّبٍ على الإمامةِ جامعٍ للشُّروطِ المُعتبَرةِ في الإمامةِ على المُلكِ بقَهرٍ وغَلبةٍ بعدَ موتِ الإمامِ ليَنتظِمَ شَملُ المُسلمينَ.

أما الاستيلاءُ على الحيِّ فإنْ كانَ الحيُّ مُتغلِّبًا انعَقدتْ إمامةُ المتغلِّبِ عليهِ، وإنْ كانَ إمامًا ببَيعةٍ أو عَهدٍ لم تَنعقدْ إمامةُ المتغلِّبِ عليهِ.

وكذا تَنعقدُ إمامةُ فاسقٍ وجاهِلٍ مع وُجودِ بَقيةِ الشروطِ بالاستِيلاءِ في الأصَحِّ وإنْ كانَ عاصيًا بذلكَ.

وفي مُقابلِ الأصحِّ: لا تَنعقدُ إمامتُه؛ لفَقدِ الشروطِ.


(١) «مقدمة ابن خلدون» (٢١٠).
(٢) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٦/ ٢٧٦)، و «حاشية الصاوي» (١٠/ ٢٠٢)، و «منح الجليل» (٩/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>