للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعَدلُ: مَنْ كانَ على الاستقامةِ باتِّباعِ الأمرِ والنَّهيِ بفِعلِ الواجِباتِ وتَركِ المُحرَّماتِ، بأنْ لا يَفعلَ كبيرةً، ولا يُصِرَّ على صَغيرةٍ، ويَتعاطَى أفعالَ المُروءةِ، بأنْ يَرتكبَ ما يَزينُه، ويَتركَ ما يَشينُه، وهذا الشَّرطُ مُعتبَرٌ في الخليفةِ الذي هو الإمامُ، فلا يَصحُّ كونُه فاسِقًا.

وأما نائبُه الذي هو السُّلطانُ اليومَ فلا يُعتبَرُ فيه ذلك.

فلو كانَ الخليفةُ يَسكرُ أو يَزني أو يَلوطُ أو يَفعلَ كَبيرةً لم تَصحَّ له وِلايةٌ، ويَنعزلُ بذلكَ، وقد بلَغَني أنَّ مَنْ نُصِّبَ في ذلكَ يَفعلُ بعضَ هذه المحرَّماتِ (١).

عَزلُ الحاكِمِ الفاسقِ والخُروجُ عليهِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الحاكمِ إذا كانَ عَدلًا ثم فسَقَ، هل يَنعزلُ بفِسقِه أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ وبعضُ الشافِعيةِ إلى أنه يَنعزلُ بفِسقِه.

قالَ الحَنفيةُ: ويُعزلُ بالفِسقِ لو طرَأَ عليهِ، والمُرادُ أنه يَستحقُّ العزلَ (٢).

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : الإمامُ إذا نُصبَ ثم فسَقَ بعدَ انبَرامِ العقدُ فقالَ الجُمهورُ: إنه تَنفسخُ إمامتُه ويُخلعُ بالفِسقِ الظاهرِ المَعلومِ؛ لأنه قد ثبَتَ أنَّ الإمامَ إنما يُقامُ لإقامةِ الحُدودِ واستيفاءِ الحُقوقِ وحِفظِ أموالِ الأيتامِ والمَجانينِ والنَّظرِ في أمورِهم إلى غيرِ ذلكَ مما تقدَّمَ ذِكرُه، وما فيه


(١) «إيضاح طرق الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة» (١/ ٣٠٣، ٣٠٤).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>