للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قَبلَ قَبضِ رَبِّ المالِ رأسَ مالِه وتَنضيضِه مع المُحاسَبةِ فالوَضيعةُ إذا حَصَلت تُحسَبُ مِنَ الرِّبحِ لِبَقاءِ المُضاربةِ، وكذلك لو طلَب أحَدُهما قِسمةَ الرِّبحِ دونَ رأسِ المالِ لَم تَجِبْ إجابَتُه؛ لأنَّه -أي: المُمتَنِعَ- لا يأمَنُ الخُسرانَ في ثانية الحالاتِ؛ فإنْ كان المُمتَنعُ المالِكَ فهو يَجبُرُ الخُسرانَ بالرِّبحِ، وإنْ كان العامِلُ؛ فإنَّه لا يأمَنُ أنْ يَلزَمَه الرَّدُّ في وَقتٍ لا يَقدِرُ عليه (١).

الحُكمُ إذا فسَد القِراضُ:

إذا فسَد القِراضُ فلَه ثلاثةُ أحكامٍ:

الأولُ: أنَّ الرِّبحَ كلَّه لِرَبِّ المالِ، ولِلعامِلِ أُجرةُ مِثلِه:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المُضاربةَ إذا فَسدَت بانَ تَخلُّفُ شَرطٍ مِنْ شُروطِ صِحَّتِها المُتقَدِّمِ بَيانُها؛ فإنَّ العامِلَ لا يَستحِقُّ الجُزءَ المُسمَّى مِنَ الرِّبحِ بل يَكونُ جَميعُ الرِّبحِ لِرَبِّ المالِ ولِلعامِلِ أُجرةُ مِثلِ عَملِه بالِغةً ما بَلَغت عندَ الجُمهورِ -خِلافًا لِأبي يُوسُفَ وأحمدَ في رِوايةٍ- سَواءٌ كان في المُضاربةِ رِبحٌ أو لَم يَكُنْ؛ لأنَّ المُضاربةَ الفاسِدةَ في مَعنى الإجارةِ الفاسِدةِ، والأجيرَ لا يَستحِقُّ النَّفقةَ ولا المُسمَّى في الإجارةِ الفاسِدةِ؛ وإنَّما يَستحِقُّ أجرَ المِثلِ، ولأنَّ عَمَله إنَّما كان


(١) «كشاف القناع» (٣/ ٦٠٦، ٦٠٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٧٩، ٥٨١)، و «المغني» (٥/ ٢٧، ٢٨)، و «الكافي» (٢/ ٢٧٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٥٣٢، ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>