للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالِثًا: الشُّفعةُ في العُلوِّ والسُّفلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَت هناك بُيوتٌ في عِمارةٍ مَثلًا، أو بَيتٌ فيه أسفَلُ وأَعلى، وأَرادَ أَحدُهما أنْ يَبيعَ بَيتَه، فهل لصاحِبِ العُلوِّ أو السُّفلِ منها حَقُّ الشُّفعةِ أو لا؟

قالَ الحَنفيةُ: إذا كانَ سُفلٌ لرَجلٍ وفَوقَه عُلوٌّ لغيرِه فباعَ صاحِبُ السُّفلِ سُفلَه فلصاحِبِ العُلوِّ الشُّفعةُ، ولو باعَ صاحِبُ العُلوِّ عُلوَّه فلصاحِبِ السُّفلِ الشُّفعةُ، فبعدَ ذلك إنْ كانَ طَريقُ العُلوِّ في السُّفلِ كانَ حَقُّ الشُّفعةِ بسَببِ الشَّركةِ في الطَّريقِ، وإنْ كانَ طَريقُ العُلوِّ في السِّكةِ العُظمى كانَ حَقُّ الشُّفعةِ بسَببِ الجِوارِ؛ إذِ الجِوارُ إنَّما يُعرَفُ بالاتِّصالِ، والاتِّصالُ بينَ المِلكَينِ ثابِتٌ.

فإنْ لم يأخُذْ صاحِبُ العُلوِّ السُّفلَ بالشُّفعةِ حتى انهَدَم العُلوُّ، فعَلى قَولِ أَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ: تَبطُلُ شُفعتُه، وعلى قَولِ مُحمدٍ: لا تَبطُلُ.

فوَجهُ قَولِ أَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ: أنَّ الشُّفعةَ ههنا إنَّما تَثبُتُ بالجِوارِ وإنَّما يُعرفُ بالاتِّصالِ، وقد زالَ الاتِّصالُ قبلَ قَبضِ الأخذِ بالشُّفعةِ فزالَ الجِوارُ، فتَبطلُ شُفعتُه، كما لو باعَ الدارَ التي يَستحِقُّ بها الشُّفعةَ قبلَ الأخذِ بالشُّفعةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>