اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعَةِ على أنَّ الزَّوجَ إذا علَّقَ طَلاقَ زَوجَتِه على أمرٍ مُحتَملٍ وُقوعُه غَيرُ غالِبٍ كدُخولِ دارٍ ك:«إنْ دَخلْتِ الدَّارِ أو كَلَّمتِ زَيدًا فأنتِ طالِقٌ، أو إنْ قَدِمَ زيدٌ فأنتِ طالِقٌ، أو إنْ أكلْتِ أو شَربْتِ أو لَبستِ فأنتِ طالِقٌ» فلا يُنجَّزُ عليهِ الطَّلاقُ، وانتَظرَ حُصولَ المَحلوفِ عليهِ، فإنْ حصَلَ لَزمَ، وإلَّا فلا.
إلَّا أنهمُ اختَلفُوا فيما لو عَلَّقَ الطَّلاقَ على أمرٍ مُستَقبلٍ مُحقَّقِ الوُقوعِ عَقلًا كقَولِه:«أنتِ طالِقٌ إذا طَلعَتِ الشَّمسُ، أو دخَلَ رَمضانُ» أو غالِبٍ وُقوعُه أو مَشكوكٍ في حُصولِه في الحالِ ويُمكِنُ الاطِّلاعُ عليهِ بعدُ أو لا يُمكِنُ؛ هل يُنجَّزُ الطَّلاقُ عليهِ في الحالِ؟ أم لا يقَعُ الطَّلاقُ قبْلَ وُجودِ الشَّرطِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشَّافِعيةُ والحنابِلةُ إلى أنهُ إذا علَّقَ طلاقَ امرَأتِه بشَرطٍ غَيرِ مُستحيلٍ لَم يقَعِ الطَّلاقُ قبْلَ وُجودِ الشَّرطِ؛ لقَولِ النَّبيِّ ﷺ:«المُؤمِنونَ عندَ شُروطِهم»، ولأنهُ علَّقَ الطَّلاقَ على شَرطٍ غَيرِ مُستحيلٍ؛ فلَم يَقعِ الطَّلاقُ قبْلَ وُجودِ الشَّرطِ، كما لو علَّقَه على قُدومِ زَيدٍ.
ولأنَّ ابنَ عبَّاسٍ ﵄ كانَ يقولُ في الرَّجلِ يَقولِ لامرأتِهِ:«أنتِ طالِقٌ إلى رأسِ السَّنةِ» قالَ: «يَطَأُ فيما بيْنَه وبيْنَ رأسِ السَّنةِ»(١).