فيما لَم يَرَه المُشتَري؛ لقولِه ﵊: «مَنِ اشتَرَى شَيئًا لَم يَرَه فهو بالخيارِ إذا رَآه» (١).
فبَقيَ الخيارُ عندَ الرُّؤيةِ مُبقيًا على الأصلِ، وإنْ وجَده مُتغيِّرًا فلَه الخيارُ؛ لأنَّ تلك الرُّؤيةَ لَم تَقَعْ مُعلَّمةً بأوصافِه، فكَأنَّه لَم يَرَه، وإنِ اختَلَفا في التَّغيُّرِ فالقَولُ قَولُ البائِعِ مع يَمينِه؛ لأنَّ التَّغيُّرَ حادِثٌ؛ لأنَّه إنَّما يَكونُ بعَيبٍ أو تَبَدُّلِ هَيئةٍ، وكُلٌّ منهما عارِضٌ، والمُشتَري يَدَّعيه، والبائِعُ مُنكِرٌ ومُتمسِّكٌ بالأصلِ؛ لأنَّ سَبَبَ لُزومِ العَقدِ -وهو رُؤيةُ جُزءٍ مِنْ المَعقودِ عليه-، والقَولُ قَولُ المُنكِرِ مع يَمينِه، والبَيِّنةُ بَيِّنةُ مُدَّعي العارِضِ، إلَّا إذا بَعُدتِ المُدَّةُ، فالقَولُ قَولُ المُشتَري؛ لأنَّ الظَّاهِرَ يَشهَدُ له؛ فإنَّ الشَّيءَ يَتغيَّرُ بطُولِ الزَّمانِ، ومَن يَشهَدْ له الظَّاهِرُ فالقَولُ قَولُه.
وإذا اختلَف البائِعُ والمُشتَري في رُؤيةِ المُشتَري، فقالَ المُشتَري: لَم أرَه حالَ العَقدِ ولا بعدَه، وقالَ البائِعُ: بَلْ رَأيتَه، فالقَولُ قَولُ المُشتَري مع يَمينِه؛ لأنَّ البائِعَ يَدَّعي عليه الرُّؤيةَ، أي: العِلمَ بالصِّفاتِ، وأنَّه أمرٌ حادِثٌ، والمُشتَري مُنكِرٌ، فكانَ القَولُ قَولَه مع اليَمينِ.
رُؤيةُ بَعضِ المَبيعِ دونَ بَعضِه الآخَرِ:
والمَبيعُ إذا كانَ أشياءَ إنْ كانَ مِنْ العَدَديَّاتِ المُتفاوِتةِ، كالثِّيابِ
(١) رواه البيهقي في «الكبرى» (١٠٢٠٦)، والدارقطني في «سننه» (٣/ ٤)، وقال: وفيه عمرُ بنُ إبراهيمَ، يُقال له الكُرديّ يَضعُ الأحادِيثَ وهذا باطلٌ لَا يَصحُّ، لَم يرْوِه غيرُه وإنَّما يُروى عن ابنِ سِيرينَ من قولِه انتهى. قال ابنُ القَطّانِ في كِتابِه: والرَّاوِي عن الكُرديِّ داهرُ بنُ نُوحٍ وهو لا يُعرفُ ولعلَّ الجِنايةَ مِنه انتهى. انظر: «نصب الراية» (٤/ ٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute