اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يُشترطُ في حَدِّ الزِّنا رَجمًا كانَ أو جَلدًا أنْ يَكونَ عاقِلًا؛ لأنَّ للزنا عاقِبةً ذَميمةً، والعَقلُ يَمنعُ عن ارتِكابِ ما له عاقِبةٌ ذَميمةٌ، فإنْ زنَى وهو مَجنونٌ فلا يُقامُ عليهِ الحَدُّ إجماعًا، وكذا إذا زنَى وهو مَجنونٌ ثم عقَلَ لم يكنْ مُحصنًا بالإجماعِ (١).
الشَّرطُ الثالثُ: الحُريةُ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الحُريةَ شَرطٌ في الإحصانِ، فإذا زنَى العبدُ أو الأمَةُ فلا يُقامُ على أحَدٍ منهُما حَدُّ الرجمِ وإنْ أحصنَا بنِكاحٍ؛ لأمرَينِ:
أحَدُهما: أنَّ الحُريةَ شَرطٌ في الإحصانِ، وهي مَعدومةٌ فيه.
والثَّاني: أنَّ حَدَّه على النِّصفِ مِنْ حَدِّ الحُرِّ، والرَّجمُ لا يَنتصَّفُ، وإذا سقَطَ الرَّجمُ عنه فحَدُّه خَمسونَ جَلدةً، وهي نِصفُ حَدِّ الحرِّ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥]. يعنِي: الجَلدَ؛ لأنَّ الرَّجمَ لا يَتنصفُ.
واختُلفَ في إحصانِ الأمَةِ، هل هو إسلامُها أم تَزويجُها؟
فالجُمهورُ مِنْ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ وغيرُهم على أنه إسلامُها.