وقد ظنَّتْه قارئًا، أو جاهِلًا وقد ظنَّتْه عالِمًا أو نحو ذلكَ، فلا يُمكِنُها التخلُّصُ؛ فالحِيلةُ لها في ذلك كلِّه: أنْ تَشترطَ عليهِ أنه مَتى وُجدَ شيءٌ مِنْ ذلكَ فأمرُها بيدِها، إنْ شاءَتْ أقامَتْ معه وإنْ شاءَتْ فارقَتْه، وتُشهِدَ عليه بذلك، فإنْ خافَتْ أنْ لا تَشترطَ ذلك بعدَ لُزومِ العَقدِ فلا يُمكِنُها إلزامُه بالشرطِ فلا تأذَن لوليِّها أنْ يُزوِّجَها منه إلا على هذا الشرطِ فيقولَ:«زوَّجتُكُما على أنَّ أمْرَها بيَدِها إنْ كانَ الأمرُ كَيْتَ وكَيتَ»؛ فمتَى كانَ الأمرُ كذلكَ ملَكَتْ تَطليقَ نَفسِها، ولا بأسَ بهذهِ الحِيلةِ؛ فإنَّ المرأةَ تَتخلَّصُ بها مِنْ نكاحِ مَنْ لم تَرْضَ بنكاحِه، وتَستَغني بها عن رَفعِ أمرِها إلى الحاكِمِ ليَفسخَ نِكاحَها بالغَيبةِ والإعسارِ ونحوِهما (١).
الطَّلاقُ بالكِتابةِ:
أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الناطِقَ إذا كتَبَ طَلاقَ زَوجتِه وتَلفَّظَ بهِ وقَعَ الطلاقُ؛ لأنه لو تَلفَّظَ به ولم يَكتبْه وقَعَ، فكذلكَ إذا كتَبَه ولفَظَ به.
إلا أنهمُ اختَلفُوا في مَوضعَينِ:
المَوضِعُ الأولُ: فيما لو كتَبَ طَلاقَ زَوجتِه ولم يَتلفَّظْ به ولم يَنوِه:
ذهَبَ جَمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الزوجَ إذا كتَبَ طَلاقَ زَوجَتِه ولم يَتلفَّظْ بهِ ولم يَنوِه لم يقَعْ طلاقُه؛ لأنَّ الكِتابةَ قد يُقصدُ بها الحِكايةُ، وقد يُقصدُ بها تَجويدُ الخَطِّ،