للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجزِئْه عَنْ ظِهارِه إنْ ظاهَرَ؛ لأنه قدَّمَ الكفَّارةَ على سَببِها المُختَصِّ، فلمْ يَجُزْ كما لو قدَّمَ كفَّارةَ اليَمينِ عليها أو كفَّارةَ القَتلِ على الجرحِ.

ولو قالَ لامرَأتِه: «إنْ دخَلْتِ الدارَ فأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» لم يَجُزِ التَّكفيرُ قبلَ دُخولِ الدارِ، -قالَ ابنُ عَبدِ السَّلامِ : ولا أظُنُّهم يَختلفونَ في ذلكَ-؛ لأنه تَقديمٌ للكفَّارةِ قبلَ الظِّهارِ، فإنْ أعتَقَ عَبدًا عَنْ ظِهارِه ثمَّ دخَلَتِ الدارَ عُتِقَ العَبدُ وصارَ مُظاهِرًا ولم يُجزِئْه؛ لأنَّ الظِّهارَ مُعلَّقٌ على شَرطٍ، فلا يُوجَدُ قبلَ وُجودِ شَرطِه (١).

الشَّرطُ الثاني: النِّيةُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنه يُشتَرطُ النِّيةُ لصحَّةِ الكفَّارةِ؛ لقَولِ النبيِّ : «إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ» (٢).

ولأنَّ العِتقَ يقَعُ مُتبَرَّعًا به وعَن كفَّارةٍ أُخرَى أو نَذرٍ، فلَم يَنصرِفْ إلى هذهِ الكفَّارةِ إلا بنيَّةٍ.

ولأنَّ مُطلَقَ الفِعلِ يَحتمِلُ التَّكفيرَ ويَحتملُ غيرَه، فلا بُدَّ مِنْ التَّعيينِ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٣٥)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٠٤، ١١٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٦٧)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٦٣)، و «حاشية الصاوي» (٥/ ٤٩٠)، و «الأم» (٥/ ٢٨٣)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ٤٥١)، و «المحلى» (٨/ ٦٥)، و «المغني» (٨/ ٣٧، ٣٨)، و «المبدع» (٨/ ٥٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٥٣، ٤٥٤)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٥١٥، ٥١٦).
(٢) رواه البخاري (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>