قالَ ابنُ عَبد البرِّ ﵀: ولا يُجزِئُ رُكوعٌ ولا سُجودٌ ولا وُقوفٌ بعدَ الرُّكوعِ، ولا جُلوسٌ بينَ السَّجدتَينِ حتى يَعتدِلَ راكِعًا وواقِفًا وساجِدًا، وهو الصَّحِيحُ في الأثَرِ، وعليه جُمهورُ العُلماءِ وأهلُ النَّظرِ، وهي رِوايةُ ابنِ وَهبٍ وأبي مُصعَبٍ عن مالِكٍ.
وقالَ القاضي أَبو بَكرِ بنُ العَربيِّ ﵀: وقد تَكاثَرتِ الرِّوايةُ عن ابنِ القاسِمِ وغيرِه بوُجوبِ الفَصلِ وسُقوطِ الطُّمأنينةِ، وهو وَهمٌ عَظيمٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ فعلَها، وأمرَ بها، وعلَّمها، فإن كانَ لِابنِ القاسِمِ عُذرٌ أن كانَ لم يَطَّلِع عليها، فما لَكم أنتُم وقدِ انتَهى العِلمُ إليكم، وقامَتِ الحُجَّةُ به عَليكم؟!
ثم ذكرَ القُرطبيُّ حَديثَ رِفاعةَ بنِ رافِعٍ في حَديثِ المُسيءِ صَلاتَه، ثم قالَ: فهذا بَيانُ الصَّلاةِ المُجمَلةِ في الكتابِ، بتَعليمِ النَّبيِّ ﷺ وتَبليغِه إيَّاها جَميعَ الأنامِ، فمَن لم يَقِف عندَ هذا البَيانِ وأخَلَّ بما فَرَضَ عليه الرَّحمنُ، ولم يَمتَثِل لما بلغَه عن نَبِيِّه ﷺ كانَ مِنْ جُملةِ مَنْ دخلَ في قولِه تَعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ [مريم: ٥٩](١).
أقَلُّ الطُّمأنينةِ:
ذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّ أقَلَّ الطُّمأنينةِ هو سُكونُ الأعضاءِ.
(١) «تفسير القرطبي» (١/ ٣٤٧، ٣٤٨)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ١٤٣)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٨٠، ٢٨١) رقم (١٩٧)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢١١)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٤٩).