للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: هو أنْ يَبيعَ الحَضَريُّ سِلعَتَه مِنْ البَدَويِّ ويَكونَ أهلُ البَلَدِ في قَحطٍ، وهو يَبيعُ لِأهلِ البَدْوِ؛ طَمَعًا في الثَّمنِ الغالي؛ لِمَا فيه مِنْ الإضرارِ بأهلِ البَلَدِ، وعلى هذا التَّفسيرِ تَكونُ اللَّامُ في «وَلا يَبعْ حاضِرٌ لِبادٍ»، بمَعنَى «مِنْ»، أي: لا يَبعْ حاضِرٌ مِنْ بادٍ، ويَشهَدُ لِهَذا التَّفسيرِ ما رُويَ عن أبي يُوسفَ: لو أنَّ أعرابًا قَدِموا الكُوفةَ، وأرادوا أنْ يَمتاروا مِنها، ويَضُرُّ ذلك بأهلِ الكُوفةِ، قالَ: أمنَعُهم عن ذلك، قالَ: ألَا تَرَى أنَّ أهلَ البَلدةِ يُمنَعونَ عن الشِّراءِ لِلحُكرةِ، فهذا أوْلَى.

وهذا تَفسيرٌ مِمَّنْ قالَ: إنَّ الحاضِرَ هو المالِكُ، والباديَ هو المُشتَرِي.

وقالَ المالِكيَّةُ: أنْ يَبيعَ أهلُ القُرَى لِأهلِ الباديةِ سِلَعَهم أو يُرسِلَ بها لِتُباعَ له.

وقالَ الشافِعيَّةُ: هو أنْ يَقدَمَ إلى البَلَدِ بَدَويٌّ بسِلعةٍ يُريدُ بَيعَها بسِعرِ الوَقتِ؛ لِيَرجِعَ إلى وَطَنِه، فيَأتيَه بَلَديٌّ فيَقولَ: ضَعْ مَتاعَكَ عِندي لِأبيعَه لَكَ على التَّدريجِ بأغلَى مِنْ هذا السِّعرِ.

وقالَ الحَنابِلةُ: هو أنْ يَخرُجَ الحَضَريُّ إلى البادي وقد جَلَبَ السِّلعةَ فيُعرِّفَه السِّعرَ، ويَقولَ: أنا أبيعُ لَكَ. والبادي هَهُنا مَنْ يَدخُلُ البَلدةَ مِنْ غيرِ أهلِها سَواءٌ أكانَ بَدَويًّا أو مِنْ قَريةٍ أو بَلدةٍ أُخرَى.

حُكمُ بَيعِ الحاضِرِ لِلبادي:

قد اختلَف العُلماءُ في حُكمِ بَيعِ الحاضِرِ لِلبادي، هل هو صَحيحٌ مع الحُرمةِ أو باطِلٌ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>