للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أودَعَ رَجلٌ عندَ رَجلٍ عَينًا، فباعَها المُودَعُ فإنَّه يَضمنُ ذلك بالبَيعِ نَفْسِه، وإذا لَم يُسلِمْ؛ لأنَّ المُودَعَ لا يَجوزُ له البَيعُ بالإجماعِ (١).

٥ - البَيعُ نَسيئةً:

اختلَف الفُقهاءُ هل يَجوزُ لِأحدِ الشَّريكَيْن أنْ يَبيعَ نَسيئةً بدونِ إذنِ الآخَرِ أو لا يَجوزُ؟

فذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِأحدِ الشَّريكَيْن أنْ يَبيعَ نَسيئةً بغَيرِ إذنِ شَريكِه؛ لأنَّ فيه تَغريرًا بالمالِ؛ فإنْ فعَل صَحَّ في نَصيبِه، فتُفسَخُ الشَّركةُ فيه، ويَصيرُ مُشترَكًا بينَ المُشتَري والشَّريكِ (٢).

وذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجوزُ لِلشَّريكِ -في المُفاوَضةِ والعِنانِ- البَيعُ نَساءً، أي: إلى أجَلٍ مَعلومٍ؛ لأنَّ الإذنَ بالبَيعِ بمُقتَضى الشَّركةِ وُجِد مُطلَقًا، ولأنَّ الشَّركةَ تَنعقِدُ على عادةِ التُّجارِ، ومِن عادَتِهم البَيعُ نَقدًا ونَسيئةً، ولأنَّ المَقصودَ الرِّبحُ، وهو في هذه أكثَرُ، ومهما فاتَ مِنَ الثَّمنِ لَم يَلزَمْه ضَمانُه، إلا أنْ يُفرَضَ ببَيعِ مَنْ لا يُوثَقُ به، أو مَنْ لا يَعرِفُه فيَلزمُه ضَمانُ الثَّمنِ الذي انكَسَر على المُشتَري (٣).


(١) «البيان» (٦/ ٣٨١)، و «الإجماع» (٥٦٥).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٨٨)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٥/ ١٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٥)، و «الديباج» (٢/ ٢٩٩)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٢٥٧).
(٣) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٢)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٥٥)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٨٢)، و «اللباب» (١/ ٥٣٢)، وابن عابدين (٤/ ٣٠٥)، و «المغني» (٥/ ١٤)، و «الكافي» (٢/ ٢٦٠)، و «المحرر» (١/ ٣٥١)، و «المبدع» (٥/ ١٠)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٤١٥، ٤١٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣)، و «مطالب أولى النهي» (٢/ ٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>