للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي إحدَى الشَّفتينِ نصفُ الدِّيةِ عندَ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ في المَذهبِ، ولا فَضلَ للعُليا على السُّفلى؛ لأنَّ لكلِّ واحِدةٍ منهُما مَنفعةً ليسَتْ للأخرَى، فصارتَا مُتساويتينِ، ولأنَّ تفاضُلَ المَنافعِ في الأعضاءِ المُتجانِسةِ لا يوجِبُ تفاضُلَها في الديَاتِ كالأصابعِ والأسنانِ، فإنْ قطَعَ النصفَ مِنْ إحدى الشَّفتينِ كانَ عليهِ رُبعُ الدِّية، وإنْ قطَعَ أكثرَ أو أقلَّ كانَ عليهِ مِنْ الدِّيةِ بحسبِ ما قطَعَ.

ولأنَّ كلَّ شَيئينِ وجَبَتْ فيهما الدِّيةُ وجَبَ في أحدِهما نصفُها كسائرِ الأعضاءِ، ولأنَّ كلَّ ذي عَددٍ وجَبَتْ فيه الدِّيةُ سُوِّيَ بينَ جَميعِه فيها كالأصابعِ والأسنانِ، ولا اعتِبارَ بزيادةِ النفعِ.

وعن الإمامِ أحمَدَ رِوايةٌ أنَّ في السُّفلى ثُلثَي الدِّيةِ، وفي العُليا ثلثُها؛ لأنَّ السُّفلى أنفَعُ مِنْ العُليا لحَركتِها ودَورانِها وحِفظِ الطعامِ والشرابِ بها وما فيها مِنْ حُروفِ الكَلامِ الشَّفويةِ (١).

الدِّيةُ في الذَّكَرِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ في الذَّكرِ الدِّيةُ، لقَولِ النبيِّ : «وفي البَيضتَينِ الدِّيةُ، وفي الذَّكَرِ الدِّيةُ» (٢).


(١) «المغني» (٨/ ٣٤٩)، و «الكافي» (٤/ ١٠٢)، و «الحاوي الكبير» (١٢/ ٢٦١)، و «المهذب» (٢/ ٣٠٥)، و «الهداية» (٤/ ١٨٠)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٣٩)، و «الاستذكار» (٨/ ٨١)، و «تفسير القرطبي» (٦/ ٢٠٠).
(٢) رواه النسائي (٤٨٥٣)، وابن حبان في «صحيحه» (٦٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>