للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - بَراعَتُه في التَّصنيفِ وبَركةُ مُصنَّفاتِه:

الشافِعيُّ أَولُ من صنَّفَ في أُصولِ الفِقهِ وأَحكامِ القُرآنِ، وقد تَسابَقَ العُلماءُ والأَكابرُ على اقتِناءِ مُصنَّفاتِه والاستِفادةِ منها، وأعظَمُ كُتبِه كِتابُه «الرسالة»؛ فهو على سُهولةِ لَفظِه، كَثيرُ المَعاني، عَظيمُ المَباني، شاهِدٌ برَجاحةِ عَقلِه، وكَمالِ بَصيرتِه، وعُذوبةِ لَفظِه.

وعن أَبي ثورٍ قالَ: كتَبَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ إلى الشافِعيِّ وهو شابٌّ: أنْ يضَعَ له كِتابًا فيه مَعاني القُرآنِ، ويَجمعُ قَبولَ الأَخبارِ فيه، وحُجةَ الإِجماعِ، والناسِخَ والمَنسوخَ من القُرآنِ والسُّنةِ، فوضَعَ له كِتابَ «الرسالة».

قالَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ: ما أُصلِّي صَلاةً إلا وأَدعو للشافِعيِّ فيها (١).

وعن المُزنِيِّ قالَ: قرَأتُ كِتابَ «الرسالة» للشافِعيِّ خَمسَمائةِ مَرةٍ، ما من مَرةٍ منها إلا واستفَدتُ منها فائِدةً جَديدةً، لَم أَستفِدْها في الأُخرى (٢).

وعن مُحمدِ بنِ مُسلمِ بنِ وارةَ قالَ: قدِمتُ من مِصرَ، فأَتيتُ أَبا عبدِ اللهِ أَحمدَ بنِ حَنبلٍ أُسلِّمُ عليه، قالَ: كتَبتَ كُتبَ الشافِعيِّ؟ قلتُ: لا، قالَ: فرَّطتَ، ما علِمْنا المُجملَ مِنْ المُفصلِ، ولا ناسِخَ حَديثِ رَسولِ اللهِ ، من مَنسوخِه، حتى جالَسْنا الشافِعيَّ، قالَ: فحمَلَني ذلك إلى أن رجَعتُ إلى مِصرَ، وكتَبتُها ثم قدِمتُ (٣).


(١) «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٣٠).
(٢) السابق (٢/ ٢٣٦).
(٣) «حلية الأولياء» (٩/ ٩٧)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>