للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ السادِسةُ: كَيفيةُ تَعريفِ اللُّقطةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في كَيفيةِ تَعريفِ اللُّقطةِ، هل يَذكرُ جِنسَ اللُّقطةِ أو نَوعَها أو صِنفَها، أم لا يَجوزُ له أنْ يَذكرَ هذا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ يَذكرَ جِنسَ اللُّقطةِ فيَقولُ: «مَنْ ضاعَ له دَنانيرُ؟»، وله أنْ يَذكرَ عِفاصَها ووِكاءَها؛ لأنَّ في ذِكرِ الجِنسِ أو النَّوعِ أو العِفاصِ أو الوِكاءِ ما يُؤدِّي إلى انتِشارِ ذلك بينَ النَّاسِ، فيَكونُ أَقربَ إلى الظَّفرِ بالمالِكِ، ولا يَستوفِيها لئلَّا يَتعمدَّها كاذبٌ، فإنْ استَوفَاها حرُمَ عليه، وهل يَضمنُها؟ قَولانِ عندَ الشافِعيةِ: أَصحُّهما: يَضمنُها؛ لأنَّه قد يَرفعُه إلى مَنْ يَلزمُه الدَّفعُ بالصِّفاتِ.

والثانِي: لا يَصيرُ ضامِنًا بذلك؛ لأنَّه لا يَجبُ عليه الدَّفعُ بمُجردِ الصِّفةِ (١).

قالَ الحَنابِلةُ: كَيفيةُ التَّعريفِ أنْ يَذكرَ جِنسَها لا غيرَ، فيَقولُ: مَنْ ضاعَ مِنه ذَهبٌ أو فِضةٌ أو دَنانيرُ أو ثِيابٌ ونحوُ ذلك؛ لقَولِ عُمرَ لواجِدِ الذَّهبِ بطَريقِ الشامِ «ولا تَصفْها»؛ لأنَّه لو وصَفَها لعلِمَ صِفتَها مَنْ يَسمعُها فلا تَبقى صِفتُها دَليلًا على مُلكِها لمُشاركةِ غيرِ المالِكِ المالكَ في ذلك، ولأنَّه لا يَأمنُ أنْ يَدَّعيَها بعضُ مَنْ سمِعَ صِفتَها التي يَجبُ دَفعُها بها فيَأخذَها وهو لا يَملكُها، فتَضيعُ على مالِكِها، فإذا أطنَبَ في الصِّفاتِ فهو ضامِنٌ (٢).


(١) «البيان» (٧/ ٥٢٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٥، ٥١٦)، و «الديباج» (٢/ ٥٦٢).
(٢) «المغني» (٦/ ٥)، و «الكافي» (٢/ ٣٥٣)، و «المبدع» (٥/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>