للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ يُطعِمَ المُكلَّفُ بَعضًا مِنْ العَشَرةِ ويَكسوَ بَعضًا منهم؛ لأنَّ اللَّهَ تَعالى خيَّرَ مَنْ وجَبَت عليه الكَفارةُ بينَ الإِطعامِ والكِسوةِ فكانَ مَرجِعُهما إلى اختِيارِه في العَشرةِ وفي بَعضِهم (١).

إِخراجُ القيمةِ في كَفارةِ اليَمينِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ جَوازِ إِخراجِ القيمةِ في كَفارةِ اليَمينِ هل يَجوزُ أو لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه تَجوزُ القيمةُ في الكِسوةِ والطَّعامِ؛ لأنَّ المَقصودَ فيه حُصولُ النَّفعِ للمَساكينِ بهذا القَدْرِ مِنْ المالِ ويَحصُلُ لهم مِنْ النَّفعِ بالقيمةِ مِثلُ حُصولِه بالطَّعامِ والكِسوةِ، ولمَّا صحَّ إِعطاءُ القيمةِ في الزِّكواتِ مِنْ جِهةِ الآثارِ والنَّظرِ وجَبَ مِثلُه في الكَفارةِ؛ لأنَّ أحَدًا لم يُفرِّقْ بَينَهما، ومع ذلك فليسَ يَمتنِعُ إِطلاقُ الاسمِ على مَنْ أَعطى غَيرَه دَراهمَ يَشتَري بها ما يَأكلُه ويَلبَسُه بأنْ يُقالَ: قد أطعَمَه وكَساه، وإذا كانَ إِطلاقُ ذلك سائِغًا انتَظمَه لَفظُ الآيةِ، ألَا تَرى أنَّ حَقيقةَ الإِطعامِ أنْ يُطعِمَه إِياه بأنْ يُبيحَه له فيَأكُلَه، ومعَ


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢٤٧)، و «التجريد» للقدوري (١٠/ ٥١٤٩)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ١٠٦)، و «البحر الرائق» (٤/ ١١٧)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٨٨)، و «المغني» (١٠/ ٢٠)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٣١)، و «المبدع» (٩/ ٢٧٧)، و «الإنصاف» (١١/ ٣٩، ٤٠)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>