للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ قالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «مَنْ صلَّى العِشاءَ في جَمَاعَةٍ فكأنَّما قامَ نِصفَ اللَّيلِ، وَمَنْ صلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ فكأنَّما صلَّى اللَّيلَ كلَّهُ» (١).

ولأهمِّيَّتها قالَ ابنُ العَربيِّ: الصَّلاةُ في جَماعةٍ مَعنى الدِّينِ، وشِعارُ الإسلامِ، ولو تركَها أهلُ مِصرٍ قُوتِلوا، وأهلُ حارَةٍ أُجبِروا عليها وأُكرِهوا (٢).

حكمُ صَلاةِ الجَماعةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ صَلاةِ الجَماعةِ على ثَلاثةِ أقوالٍ:

القولُ الأوَّلُ: ذَهب الحَنفيَّةُ والحَنابلَةُ وابنُ المُنذرِ وابنُ خُزَيمةَ مِنْ الشافِعيَّةِ إلى أنَّ صَلاةَ الجَماعةِ واجِبةٌ على الأعيانِ، إلا مِنْ عُذرٍ، وليست شَرطًا لِصحَّةِ الصَّلاةِ، وهو نَصُّ الإمامِ الشافِعيِّ في مُختصَرِ المُزنيِّ (٣) فقالَ: وأمَّا الجَماعةُ فلَا أُرخِّصُ في تَركِها إلا مِنْ عُذرٍ.

واستدَلُّوا على ذلك بالكتابِ والسُّنةِ وتَوارُثِ الأمَّةِ.

أمَّا الكتابُ:

فالدَّليلُ الأوَّلُ: قولُه تَعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣]، أمرَ اللهُ تَعالى بالرُّكوعِ مع الرَّاكعينَ، وذلك يَكونُ في


(١) رواه مُسلم (٦٥٦).
(٢) «التاج والإكليل» (٢/ ٨١)، و «الإفصاح» (١/ ٢٠٣).
(٣) «مُختصَر المُزَنيِّ» (١/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>