سادسًا: ألاَّ تَزيدَ هِبةُ المَرأةِ المُتزوجةِ على الثُّلثِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه إذا وهَبَت المَرأةُ أقَلَّ من ثُلثِ مالِها فهِبتُها صَحيحةٌ نافِذةٌ.
إلا أنَّهم اختَلَفوا فيما لو وهَبَت أكثَرَ من ثُلثِ مالِها، هل يَصحُّ أو لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المَرأةَ إذا بلَغَت واجتمَعَ لها عَقلُها جازَ لها التَّصرفُ في مالِها بالهِبةِ أو غيرِها بِكرًا كانت أو ثَيِّبًا، ولا فَرقَ بينَها وبينَ البالِغِ من الرِّجالِ، فما جازَ من عَطايا الرَّجلِ البالِغِ الرَّشيدِ جازَ من عَطائِها (١).
واستدَلَّ الجُمهورُ على ذلك بما رَواه البُخاريُّ: في بابِ هِبةِ المَرأةِ لغيرِ زَوجِها وعِتقِها إذا كانَ لها زَوجٌ فهو جائِزٌ إذا لم تَكنْ سَفيهةً، فإذا كانَت سَفيهةً لم يَجزْ، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: ٥]:
حدَّثَنا أَبو عاصِمٍ عن ابنِ جُرَيجٍ عن ابنِ أَبي مُليكةَ عن عَبادِ بنِ عبدِ اللهِ عن أَسماءَ ﵂ قالَت: قُلتُ يا رَسولَ اللهِ: ما لي مالٌ إلا ما أدخَلَ علَيَّ الزُّبَيرُ فأتَصدَّقُ. قالَ:«تَصدَّقي ولا تُوعي فيُوعَى عليك».
(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ٣٥٢)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ١٠٧)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ٢٤، ٢٥).