الثاني: الاشتِراكُ في اسمِ النكاحِ، أعنِي في دَلالتِه على المعنى الشَّرعيِّ واللغويِّ، فمَن راعَى الدَّلالةَ اللغويةَ في قولِه تعالَى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ [النساء: ٢٢] قالَ: يُحرِّمُ الزنا، ومَن راعَى الدلالةَ الشَّرعيةَ قالَ: لا يحرِّمُ الزنا.
ومَن علَّلَ هذا الحكمَ بالحُرمةِ التي بينَ الأمِّ والبنتِ وبينَ الأبِ والابنِ قالَ: يُحرِّمُ الزنا أيضًا، ومَن شبَّهَهُ بالنسَبِ قالَ: لا يحرِّمُ؛ لإجماعِ الأكثرِ على أنَّ النسبَ لا يلحَقُ بالزنا (١).
النَّوعُ الرَّابعُ: المُحرَّمات باللِّعانِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ المتلاعنَينِ إذا لم يُكَذِّبْ أحدُهما نفسَه بعدَ اللعانِ فإنهما يُحرَّمانِ على بعضِهما تَحريمًا مؤبَّدًا.
إلا أنهمُ اختَلفُوا فيما لو تلاعَنَا فكذَّبَ الزوجُ نفْسَه أو أقرَّتِ المرأةُ، هل تتأبَّدُ الحُرمةُ بينَهما؟ أم تكون طَلقةً بائنةً ولا يتأبَّدُ التحريمُ بينَهما ويكونُ خاطبًا مِنَ الخُطَّابِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ وأبو يُوسفَ مِنَ الحَنفيةِ إلى أنَّ المتلاعنَينِ إذا حصلَ بينَهما اللعانُ أنهما لا يَجتمعانِ أبدًا، وصارَتْ محرَّمةً عليه تَحريمًا مُؤبَّدًا، وسواءٌ كذَّبَ نفسَه بعدَ ذلكَ أو لم يُكَذِّبْها.