للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيَّةُ: قالَ في «الخُلاصة»: رَجُلٌ دفعَ غَزلًا إلى رَجُلٍ لِيَنسِجَه كِرْباسًا فدفعَه هو إلى آخَرَ لِيَنسِجَه فسُرِقَ مِنْ يَدِه، إنْ كانَ الثَّاني أجيرًا لِلأوَّلِ لا يَضمَنُ واحِدٌ مِنهما، وإنْ كانَ الثَّاني أجنَبيًّا ضَمِنَ الأولُ دونَ الآخَرِ عندَ أبي حَنيفَةَ، وعِندَهُما في الأولِ: ضامِنٌ مُطلَقًا، وفي الأجنَبيِّ إنْ شاءَ ضَمِنَ الأولُ، وإنْ شاءَ ضَمِنَ الآخَرُ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا استأجَرَ الأجيرُ المُشترَكُ أجيرًا خاصًّا؛ كالخيَّاطِ في دُكَّانٍ يَستَأجِرُ أجيرًا مدَّةً يَستَعمِلُه فيها فتَقبَّلَ صاحِبُ الدُّكَّانِ خِياطةَ ثَوبٍ ودفعَه إلى أجيرِه فخَرَقَه أو أفسَدَه لَم يَضمَنْه؛ لأنَّه أجيرٌ خاصٌّ ويَضمَنُه صاحِبُ الدُّكَّانِ؛ لأنَّه أجيرٌ مُشترَكٌ (٢).

حَبسُ العَينِ المُستَأجَرةِ لاستِيفاءِ الأجْرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الحَدَّادينَ والقَصَّارينَ والخيَّاطينَ، وغَيرِهم مِنْ أهلِ الصِّناعاتِ، إذا مَنَعوا وحَبَسوا ما في أيديهم لِاستيفاءِ الأجْرِ، هَلْ لَهم فِعلُ ذلك أو لا؟ وما الحُكمُ إذا ضاعَتِ العَينُ أو تَلفِتْ بعدَ ذلك، هَلْ يَضمَنونَها أو لا؟ على تَفصيلٍ بَينَهم.

قالَ الحَنفيَّةُ: كلُّ صانِعٍ لِعَملِه أثَرٌ -بِحَيثُ يُرَى ويُعايَنُ- في العَينِ؛ فلَه أنْ يَحبِسَ العَينَ بعدَ الفَراغِ مِنْ عَملِه حتى يَستَوفيَ الأُجرةَ المَشروطةَ؛ كالصَّباغِ، والقَصَّارِ وكَذا الخيَّاطِ؛ لأنَّ المَعقودَ عليه وَصفٌ قائِمٌ في الثَّوبِ،


(١) «البحر الرائق» (٧/ ٣٠٣).
(٢) «المغني» (٥/ ٣٠٧)، و «الكافي» (٢/ ٣٣١)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١١٩، ١٢٠)، و «الإنصاف» (٦/ ٧٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>