للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضربُ الثانِي: ما حَماه الخُلفاءُ بعدَه:

وهو إما أنْ يَحمِيَ لِنفسِه أو يَحمِيَ للمُسلِمينَ.

فأما ما حَماه لنَفسِه فلا خِلافَ بينَ المُسلِمينَ على أنَّه لا يَجوزُ، وهو يُفارِقُ حِمى النَّبيِّ لنَفسِه؛ لأنَّ صَلاحَه يَعودُ إلى صَلاحِ المُسلِمينَ، ومالُه كانَ يَردُّه في المُسلِمينَ، ففارقَ الأئِمةَ في ذلك، ولأنَّ هذا مِنْ خَصائصِ النَّبيِّ أنْ يَحميَ لنَفسِه دونَ الأئِمةِ.

وأما ما حَماه الأئِمةُ بعدَ النَّبيِّ للمُسلِمينَ فقد اختَلفَ الفَقهاءُ فيه:

فذهَبَ الشافِعيةُ في مقابلِ الأظهرِ إلى أنَّه لا يَجوزُ أنْ يَحميَ؛ لروايةِ مجاهدٍ عن ابنِ عَباسٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «المُسلِمونَ شُركاءُ في ثلاثٍ: في الماءِ والكَلأِ والنَّارِ، وثَمنُه حَرامٌ» (١)

ولِما رواه ابنُ عَباسٍ أنَّ الصَّعبَ بنَ جثَّامةَ قالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا حِمى إلا للهِ ولرَسولِه» (٢) أيْ: ليسَ لأحدٍ أنْ يَحميَ للمُسلِمينَ إلا ما حَماهُ النَّبيُّ (٣).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٢٣١٣٢)، وابن ماجه (٢٤٧٢) واللفظ له، والبيهقي في «الكبرى» (١١٦١٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٤١).
(٣) «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٨٣، ٤٨٤)، و «المهذب» (١/ ٤٢٧)، و «البيان» (٧/ ٤٩٨، ٥٠٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٠٩، ١١٠)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٤٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٢٣، ٤٢٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٣٨)، و «فتح الباري» (٥/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>